الأخبارالاقتصادحوارات و مقالاتمصر

د علي إسماعيل يكتب: التنمية الزراعية  الخيار  الاستراتيجي للدولة المصرية 

أستاذ إدارة الأراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر

لاشك أن التنمية الزراعية المتكاملة هي أساس تقدم الدول نتيجة تفاعل عناصرها الأساسية ودورها في  زيادة الدخل القومي وتحسين مستوى المعيشة للأفراد وإتاحة فرص العمل الفعالة المنتجة تحقق أهداف التنمية المستدامة وأن الإنتاج الزراعي باختلاف أنواعها وعناصره الأساسية الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني والتصنيع الزراعي هما مثلث التنمية الزراعية لزيادة القيمة المضافة للمنتج الأولي الناتج من الزراعة.

و أن القيادة السياسية بما تمتلك من بعد نظر بحسها الوطني حينما تم الاتجاه إلي تفعيل دور القطاع الزراعي ووضعة ضمن الأولويات الاستراتيجية للدولة المصرية لاستكمال منظومة استصلاح أربعة ملايين فدان وقد بدأت بمشروع مستقبل مصر علي نصف مليون فدان علي محور الضبعة تستكمل بنصف مليون اخري بمنطقة العلمين والساحل الشمالي الغربي.

كما تستكمل حول منخفض القطارة كمرحلة أولي من مشروع عملاق  وذلك لتعزيز قدرة واستراتيجية الدولة المصرية لتكوين مجتمعات زراعية وعمرانية جديدة تتسم بنظم إدارية حديثة وتضم مجتمعات صناعية تقوم علي الانتاج الزراعي تشمل الطرق الحديثة والخدمات ومحطات الصرف وإمدادات الكهرباء ومسارات المجاري المائية لنقل المياه لري المشروع ويستخدم نظم الري الحديثة.

الحكومة المصرية بذلت مجهودات جبارة من خلال دعم وتوجيهات الرئيس السيسي لإنشاء أكبر محطة تحلية ومعالجة لمياه الصرف الزراعي في  في بحر البقر لخدمة مشروع تنمية سيناء  بطاقة انتاجية ٥.٦ مليون متر مكعب يوم  ومحطة العالمين لتوفر ما يقرب من ٧.٥ مليون متر مكعب في اليوم.

مع العمل علي تدبير مياه لامتداد ترعة الحمام مما يساعد علي النمو واستيعاب القدر الأكبر من الاستثمارات المتنوعة في استصلاح الأراضي وزيادة الرقعة الزراعية  ومحطة الرفع العملاقة بتوشكي  بطاقة ٥ مليار متر مكعب  لري اكثر من ٧٠٠ الف فدان وما يتطلب ذلك في مشروعات الانتاج الزراعي المكشوف وتحت الصوب الزراعية والانتاج الحيواني والداجني ومعهم الإنتاج السمكي ومتطلبات ذلك من مصانع أعلاف ومحطات فرز وتعبئة ومراكز لتجميع الألبان والتي تصب كلها في عمليات التصنيع الزراعي والاستفادة من المنتج الزراعي ورفع القيمة المضافة لهذه المخرجات الزراعية والتي لها أثر مباشر علي جهود التنمية الحقيقية التي تبذلها الدولة المصرية مع زيادة مضطردة في النمو السكاني و تحقيق  قدر مناسب من المحاصيل الاستراتيجية  والامن الغذائي المصري.

و أن هذا المشروع القومي بالدلتا الجديدة مع غيره من مشروعات زراعيه متعددة كتوشكي وشرق العوينات وغرب المنيا ومشروع تنمية سيناء سوف يتيح الحياة الكريمة للمصريين من خلال إنشاء مجتمعات زراعية  صناعية تجارية وسكنية   متكاملة الخدمات والمرافق من خلال الاستفادة من الطاقات الإنتاجية وتوظيفها لصالح المجتمع والافراد المحليين .

هذه المجتمعات المزمع إقامتها في هذه المناطق الحديثة يسمح للسكان بنظام مثالي جديد يوفر  لهم إقامة كريمة وفرص عمل منتجة  تغطى وتلبي احتياجاتهم من العيش والحرية والعدالة الاجتماعية بما يتم ممارسته في هذا المجتمع الجديد من نظم تبنى على العمل والبناء والتنمية.

ولا مكان لتواجد العاطلين بهذه المجتمعات  أو أن يكون الفرد عاله على المجتمع فالعمل و العطاء هما أساس الحياه في هذه المجتمعات الزراعية  الجديدة من خلال توفير فرص العمل المنتجة مع توفر كل الخدمات الأساسية من التعليم والصحة وممارسه الرياضة والأندية الاجتماعية والثقافية وبما يستكمل معها مستلزمات الحياه الضرورية في صورة عصريه نموذجيه  فهي ليست هبه لأفراد المجتمع الجديد بل هي صناعتهم بما لديهم من قدرات تتاح لهم وتعظم مدخلاتهم كقوي بشريه ذات افكار راقيه حضريه ومنها قدراتهم الذاتية الدافعة للتطوير العصري وبناء الجمهورية الجديدة  بأن يصنعوها بأيديهم من خلال أعمالهم ودخولهم التي يمكن أن يحققها لهم العمل بهذه المشروعات القومية المتعددة في اطار جغرافي يخدم كل المناطق بالجمهورية .

هذه المشروعات والتي تغطي اربعة مليون فدان قد  توفر ما يقرب من  ٢مليون فرصة عمل دائمة مباشرة وثلاث ملايين فرصة غير مباشرة في الخدمات والنقل والأعمال الموسمية للزراعة والتسويق والتجارة وغيرها من الأنشطة المتعلقة بالمشروعات الزراعية  للمواطنين والمواطنات للإقامة بالمشروعات  وتكوين اسر جديدة  مساهمين بصوره كامله في فرص كاملة للإنتاج الزراعي المتعدد مثل إنتاج الخضر المختلفة للسوق الخارجي والمحلى وإنتاج زهور التصدير وأقامه مصانع للتصنيع الزراعي للمنتج من هذه المحاصيل ومحطات التعبئة والفرز والتغليف والحفظ كلها على أن يتم تمويل فرص إنتاجية متكاملة.

وإن المخرجات والمخلفات الناتجة من الإنتاج الزراعي يعاد الاستفادة منها بتدويرها سواء للمياه والقمامة والمخلفات النباتية لترفع من القيمة المضافة بنسبه الاستفادة منها بصورة كامله في الإنتاج الحيواني  وانتاج الاعلاف  او إنتاج الطاقة من خلال استخدام هذه الخامات في صناعة الأعلاف و استخدامها لتغذيه الحيوانات أحد مكونات المشروع الرئيسية لتسمين العجول وإنتاج اللحوم الحمراء وانتاج الاعلاف وكذلك لإنتاج الماعز والاغنام والاستفادة من إقامة المجازر ومصانع الأعلاف المخصصة اللازمة لتوفير احتياجات هذا المشروع والذى يعتمد في تغديه الحيوانات على العليقة الخضراء للحبوب المستنبتة وإن مشروع الإنتاج  الحيواني سيعتمد علي النظام المتكامل في الانتاج الخاص باللحوم والالبان وتصنيعهم وكذلك الصناعات القائمة عليهما.

أن دلتا مصر الجديدة هي المنطقة الواعدة التي يمكن أن تكون منطقه تعطى وتنتح إنتاجًا زراعيًا متنوعا يساوى انتاج الدلتا القديمة بعد الزحف العمراني وتقلص فرص التنظيم والتطوير بها وتعدد مشاكلها واختلاف الممارسات الزراعية بها لافتاً إلى أن  العمل سيكون بها معتمداً على التكنولوجيات الجديد ومن حيث انتهى الآخرون في كل العالم بنقلها إلي مصر لتقليل الفارق الزمني في مجال التقدم العلمي المعرفي مع العالم المتقدم مع نظم الزراعة الحديثة والمكينة ونظم المعلومات والخبرات العلمية.

فالزراعة الحديثة سواء المكشوفة او تحت الصوب والإنتاج المكثف الزراعي يستطيع أن يعتمد خريطة  جديدة من الإنتاج الزراعي المتنوع والوفير فيما يتضمنه من تنوع لمنتجاته الزراعية ومواصفاته الإنتاجية وحجم الانتاج الناتج منه نظراً لجودة المنتجات الزراعية ومواعيد إنتاجها لمحاصيل نقديه عالية القيمة مثل الطماطم والخيار و لكنتالوب  الفراولة والفلفل الأخضر والألوان وخلافه من المحاصيل التصديرية الأخرى من النباتات الطبية والزيتون لإنتاج أجود زيت  للتصدير والتي يمكن أن تنتج تحت هذه الظروف بخلاف المحاصيل الاستراتيجية من الحبوب والزيوت الأخرى والسكر.

أن مصر الجديدة التي نريدها في ظل قيادة واعية تحافظ على مصر وتعيد بناءها وتطورها من أجل مستقبل أبناءها لتستحق أن يعمل الجميع تحت هدفاً واحداً وشعارا واحد وقائد واحد وان يكون العمل البناء هو شعارها فبالعلم والعمل تتقدم الأمم.

نظرا للظروف الحالية وما يطرا عليها من متغيرات محلية وإقليمية فان الموارد المائية الموجودة أصبحت غير كافية من الناحية العملية والتطبيقية وان التطور السريع الذي تشهده مصر خلال السنوات القليلة الماضية من توسع عمراني حضاري والذي يمثل نقلة حضرية ونوعية للدولة المصرية .

يلزم مع هذه المشروعات تطوير منظومة الري وتحديثها في النشاط الزراعي بهدف الاستفادة القصوى من وحدة المياه مع وحدة الارض لتعظيم الانتاجية الزراعية وزيادة الناتج القومي الزراعي المرتبط بالتركيب المحصولي الاقتصادي والاستراتيجي –  زيادة الرقعة الزراعية بإضافة مساحة جديدة ( التوسع الافقي) – زيادة الانتاجية في الاتجاه الراسي لوحدة المساحة من خلال المعاملات الزراعية وحزم التوصيات  – تحسين الاصناف النباتية      وتطويرها وتحسين برامج التربية تحت ظروف التغيرات المناخية – تطوير وتحديث منظومة الري الحقلي وصيانة التربة – التصنيع الزراعي والقيمة المضافة

ان محاولات الدفع في اتجاه التنمية الزراعية المستدامة بتبني مجموعه السياسات الزراعية المتكاملة المرتبطة بالانتهاء من التشريعات الزراعية وتشجيع المزارعين والمنتجين الزراعيين بنقل التكنولوجيا اليهم وخفض فوائد الاقراض الزراعي ضمن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر .

وبصفه خاصه مشروعات تحديث الري الحقلي والذي تهدف به الدولة لتحديث مساحة تقترب من 5 مليون فدان بالأراضي القديمة بالوادي والدلتا وجزء من الاراضي الجديدة التي استخدمت الري بالغمر بدلا من النظم الحديثة كالري بالرش والتنقيط لزيادة الإنتاجية وخفض تكليف الانتاج لتوفير الاسمدة والطاقة والعمالة وزيادة المساحة المنزرعة وطبقا لنوعية التربة وخواصها وتحسينها واستخدام الممارسات الزراعية المناسبة والمحافظة عليها من التمليح او التصحر  وحمايتها من التدهور لجعلها العنصر الاساسي في منظومة الانتاج الزراعي .

ضرورة  اتاحة التمويل الميسر من الحكومة لذلك بقروض ميسرة  بدون فوائد لتحديث الري  سوف تعظم الفرص المتاحة في الانتاج الزراعي وتذيد من تشغيل  الايدي العاملة في هذا القطاع  وذلك من خلال فرص حقيقيه فاعله في الريف المصري الذي يعاني الكثير من المشاكل والبطالة  بعد دخول شركات تحديث منظومة الري الحقلي للعمل في التركيب وانشاء المنظومة وكذلك دعم منظومة التصنيع المحلي لإنتاج مستلزمات شبكة الري من مواسير وطلمبات فلاتر  وخراطيم ورشاشات وغيرها مع المشروعات كثيفة العمالة كمشروعات تصنيع الحرير وتجميع الالبان ومحطات الفرز والتعبئة والتغليف للمنتجات الزراعية .وان ما تبذله الدولة وقطاعاتها المعنية  ربما تكون وزارة الزراعة احد الأذرع الفاعلة في الفترة القادمة مع الركود الاقتصادي العالمي  مع تبطيء نمو قطاعات السياحة والبترول والاسكان  .

القطاع الزراعي هو القطاع الاكثر ديناميكية وحيوية  و القادر علي النمو واستيعاب القدر الاكبر من الاستثمارات المتنوعة في استصلاح الاراضي وزيادة الرقعة الزراعية وما يتطلب ذلك في مشروعات الانتاج الزراعي المكشوف وتحت الصوب الزراعية والانتاج الحيواني والداجني ومعهم الانتاج السمكي ومتطلبات ذلك من مصانع اعلاف ومحطات فرز وتعبئة ومراكز لتجميع الالبان والتي تصب كلها في عمليات التصنيع الزراعي والاستفادة من المنتج الزراعي ورفع القيمة المضافة لهذه المخرجات الزراعية والتي ثر علي جهود التنمية الحقيقية التي تبذلها الدولة المصرية مع زيادة مضطردة في النمو السكاني .

الآمر الذى يشير بوضح الى  ان القطاع الزراعي لو احسن استخدامه والاستفادة بالإمكانيات المتاحة لديه من خلال مخصصات خطه استثماريه طموحه ينفق عليها نصف ما انفق في السياحة او البترول لحققت فائضا كافيا لموارد الدولة مقارنة مع هذه القطاعات المختلفة وتامين حاجة البلاد وبما يطلق عليه الامن الغذائي بمفهومه الشامل والمتكامل  من التقلبات الدولية والعالمية ونقص المعروض من الغذاء . فكم كان القطاع الزراعي يمثل المصدر الرئيسي من العملة الصعبة حتي نهاية السبعينات.

وبناء عليه فان الميزان المائي لمصر يمر بعجز دائم ومتراكم في التوازن المطلوب بين العرض الكلي والطلب الكلي المتزايد بمعدل متزايد بزياده عدد السكان متمثلة في مشروعات المجتمعات العمرانية والقري الجديدة علي مستوي الاسكان والتوسع في زياده مشروعات الاستصلاح القومية والأهلية في الاراضي الجديدة الامر الذي بات ومن المؤكد تضأل نصيب الفرد من المياه الي اقل من ٦٠٠ متر مكعب الي ٤٥٠ متر مكعب في السنه عام ٢٠٢٥ .

ومن المتوقع ان يصل نصيب الفرد عام ٢٠٥٠ الي ادني من ٣٥٠ متر مكعب في السنه وذلك لزياده متوسط معدل النمو السكاني ٢% ويصل استهلاك الفرد الي ٢٤٧ لتر/ يوم وبالتالي سوف يصل عدد السكان عام ٢٠٥٠ الي ١٧٢ مليون نسمه الامر الذي يتطلب زياده الموارد لتصل الي نحو ٩٧ مليار متر مكعب الامر كذلك الذي بات يؤكد علي فجوه مائية كبيره.  لذا من الاهمية رفع الكفاءة الاقتصادية علي مستوي الحقل التي تعمل علي توفير المياه وزياده الإنتاجية من وحدة المياه والارض الامر الذي يجعل الأولوية لمشروعات تطوير الري الأولوية الاولي لأهميتها  وخاصة المساقي والمراوي ونظم  الري  داخل الحقل عنها في المجاري المائية لترع النقل والتوزيع.

وتعتبر المياه مدخلا حاسما للإنتاج الزراعي وتلعب دورا هاما في الأمن الغذائي. تمثل الزراعة المروية  في العالم 20 % من إجمالي الأراضي المنزرعة طبقا لتقارير البنك الدولي ومنظمة الغذاء العالمية ( الفاو) وتساهم بنسبة 40 في المائة من إجمالي الغذاء المنتج في جميع أنحاء العالم بينما يأتي اكثر من 50 % من الغذاء من الزراعات المطرية والباقي من المياه الجوفية والمعالجة مما يعني أن ملياري شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدون على المياه الجوفية  اعتمادا كليا. وتعد الزراعة المروية في المتوسط  ضعف إنتاجية وحدة الأرض على الأقل مقارنة بالزراعة  المطرية والبعلية وبما يدعم الانتاج الزراعي المكثف مع نظم الري الحديثة واستخدام التكنولوجيا والاسمدة في ظل التقدم العلمي والزراعة الذكية  مما يسمح بمزيد من تكثيف الإنتاج وتنويع المحاصيل.

وتقع مسئولية زيادة الانتاج الزراعي لوحدة المياه (انتاجية المياه) ورفع العائد الاقتصادي من كل نقطة مياه على عاتق وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي ووزارة الموارد المائية والري  ، بينما تقع مسئولية حسن استخدام المياه على مستوى الحقل على عاتق المزارع في اطار تحديث شبكة الري وقدرته علي تحسين العمليات الزراعية والممارسة للاستخدام الامثل للمقنن المائي وعدم الافراط في مياه الري .

وفى هذا الاطار فإن وزارة الزراعة ممثلة في قطاع الارشاد الزراعي والجمعيات التعاونية الزراعية  يجب الا تدخر جهدا في سبيل تعميم الاستخدام الرشيد للمياه وتطوير المراوي  وتحديد افضل نظام للري الداخلي بأقل تكلفة ممكنه واستخدام المصاطب و التسوية الاراضي بالليزر وتطبيق العمليات الزراعية الجيدة (Good Agricultural Practices) والتي من شأنها تعظيم إنتاجية المياه في الزراعة مع منظومة انتاج التقاوي والاصناف المحسنة التي تتحمل الجفاف والتغيرات  المناخية  مع اهتمام الدولة بتوفير حياه كريمة بالريف المصري الذي غطي اكثر من ٥٠ مركز بمحافظات مصري ليخدم ما يزيد  عن خمسون مليون مواطن بالريف بتكلفة تعدت ٧٠٠ مليار جنية رغم الازمة الاقتصادية ليظل المواطن والفلاح المصري هم عصب البناء والتنمية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى