FAO \ OIEالأخبارالانتاجالصحة و البيئةالمياهامراضبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتصحةمصر

د محمد خليفة يكتب: صحة الحيوان ومنظومة “الصحة الواحدة” في مواجهة كورونا

رئيس بحوث بمعهد الصحه الحيوانيه – مركز البحوث الزراعيه.

نستطيع أن نجزم  ان العالم سوف يتغير لحد بعيد و مباغت  بعد جائحه الكورونا  (covid 19) ،     وذلك كرد فعل لتدعياتها الخطيرة علي الصحه و الاقتصاد و الأمن الغذائي و التجاره الدوليه و العولمه. وبالتأكيد فأن وباء الكورونا أعطى أكبر دليل علي أن العالم قد أصبح قرية صغيرة وأن العولمة أصبحت حقيقة فلقد ألغت المسافات و باتت  الدول تتأثر و تتفاعل مع ما يحدث فى أى قاره من القارات السته و خاصة أن   الأمراض الوبائيه لا تحترم اي حدود بين الدول  و الكل، بدون إستثناء ، أصبح فى مرمى الأمراض الناشئة و المستجده . و لقد اصبح بما لا يدع مكان للشك  أن صحه الانسان  تتأثر بسلامه غذاءه وصحة الحيوانات المخالطة وسلامة البيئه . ان ظهور وانتشار الأمراض الوبائية نتيجة حتمية للتغيرات المناخية و الاحتباس الحراري  بالإضافة للزيادة الهائلة  فى عدد السكان  و الأنماط الغذائيه الغريبه . ان الزياده الهائله فى عدد سكان الارض ادى الى الضرورة الحتمية لتكثيف الإنتاج الحيواني والاتصال المباشر المستمر بين الانسان والحيوان مما يعد بيئه خصبه لظهور الأمراض المشتركه.

 

تقارير منظمة الصحة العالمية ( WHO ) تؤكد أن أكثر من ٧٠% من إجمالي الأمراض التى تصيب الأنسان ( أمراض مشتركة ) هى فى أصلها مع الحيوان “zoonotic in origin” وأن ٣ من كل ٤ من الأمراض الناشئة المكتشفة حديثا فى خلال العقد الماضي هى ذات منشأ حيواني مثل أمراض الايبولا  والسارس و الميرس كورونا . و اخيراً و ليس آخراً الكوفيد ١٩ الذى سوف يغير شكل الحياه علي كوكب الارض ،  و هناك العديد من المسببات المرضية البكتيرية والفيروسية والفطرية والطفيلية. ان الارتباط والتشابك بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة دفع المجتمع الدولى الي الاستجابة  لهذه الأخطار التي تؤثر على البشرية والأمن الغذائي و سلامه البيئة  ، و أكد المختصون  على ضرورة توحيد وتكامل الجهود لمكافحة تلك الأمراض الوبائية الناشئة  والتي أصبحت تهدد اى مكان فى كوكب الأرض  وذلك تحت شعار one world – one   health  فى عام 2004  ، و  لقد تم إدماج المؤثرات البيئية ذات التأثير المباشر على ظهور الأوبئة ، و نتج عن هذه الرؤيا الشامله  إستراتيجية كونية تعتمد على التعامل الشامل والتنسيق  بين الصحة العامة والصحة البيطرية والبيئية Human ,Animal and Environment) .  وبناءاً عليه فإن منظومه الصحه الواحده (one health ) تعنى إستراتيجية عالمية و وطنيه لها عده محاور  تهدف لتوثيق التعاون والتكامل بين كافه الجهات المعنية بصحة الإنسان والحيوان والبيئة ،  و وضع الخطط وتنسيق الجهود للوقاية والسيطرة على الأمراض الوبائية  ، وإجراء الدراسات العلمية المشتركة لفهم طبيعة المسببات المرضية ، وتطور نظم التشخيص وإنتاج اللقاحات ،  والتوعية والتثقيف لكافة المعنيين بالقطاع الصحي والزراعي والبيئى على حد سواء.

و فى هذا الشأن فأن مصر تفاعلت و شرعت فى تنفيذ الاستراتيجية العالميه  للصحة الواحدة وذلك بالتركيز على رفع قدرات و تدعيم البنية التحتية فى الصحة والطب البيطري والبيئة. و العمل علي تنسيق الجهود بين الجهات الثلاثة للتحكم فى الأمراض المشتركة سواء المتوطنه و المستجده .

معهد بحوث الصحة الحيوانية ، الذي أنشئ فى عام 1904 ، و يتبعه ٣٨ معمل فرعى منتشره فى ربوع مصر و الحدود و الموانئ،  منوط به دورا هاما فى منظومة الصحة الواحدة فهو المسئول عن تشخيص الأمراض الحيوانيه الوبائية سواء المتوطنه و الوافده و المستجده ، مسؤول عن سلامه الاغذيه ذات الاصل الحيوانى ، و له دور هام  فى الحفاظ علي سلامه البيئه من الملوثات البيولوجيه . و حاليا يعمل المعهد جنباً الي جنب  فى اتساق و تعاون وثيق مع الخدمات البيطرية و وزارت  الصحة والبيئة و هيئه سلامه الغذاء و كافه الجهات ذات الصله. و نظامياً  فإن للمعهد انشطة ومهام يومية و علي مدار الساعه و تحديداً في مجال الصحة الواحدة . و فى هذا المجال فأن المعمل المرجعي للرقابة علي الانتاج الداجني بمعهد الصحة الحيوانيه يقوم  بالتقصي الدورى عن فيروس إنفلونزا الطيور   و فحص القطعان التجاريه المستورد و المحليه للتأكد من خلوها من السالمونيلا و غيرها من مسببات الأمراض المشتركه. و يتعاون مع الخدمات البيطرية فى  التقصي الحقلى و الفحص الدورى للمنشأت الداجنه للتأكد من خلوها من  الأمراض الوبائيه و المشتركه. ويمتد نشاطه التوعوي لكافه مربى الدواجن للتعريف و تطبيق إجراءات الأمن الحيوى.

أما المعمل المرجعي لفحوصات الأغذية و الذى يعتبر مركز تميز علي مستوى أفريقيا، فمنوط به فحص الأغذية ذات الأصل الحيواني للكشف عن المسببات المرضية التى تؤثر على الصحة العامة و يتم فحص  الأغذية الواردة والصادرة من المنافذ البحرية والجوية و كذلك الأغذية الواردة من التفتيش بالسوق المحلى والضبطيات القضائية للكشف عن الصلاحيه تلك الاغذيه للإستهلاك الآدمي والحد من خطورة انتقال تلك المسببات المرضية للمواطنين من خلال الأغذية المتداولة.

و كذلك تقوم أقسام المعهد المتخصصه بتشخيص و إجراء البحوث التطبيقية  للعديد من الامراض المشتركه مثل مرض الإجهاض المعدي (البروسيلا)  ، السعار ، السل  والعديد من الامراض الطفيلية المشتركه ولحماية الثروة الحيوانية من الأمراض الوبائية عابرة الحدود يقوم المعهد بفحص الجمال الوارد من السودان  للكشف عن الإصابة بفيروس حمى الوادي المتصدع والإصابة بفيروس الميرس كورونا   (MERS-Corona )  والحمى القلاعيه.

و يشارك  المعهد  فى اجتماعات دورية مع وزارة الصحة والبيئة للتنسيق ومتابعة الوضع الوبائي للأمراض المشتركة وتبادل المعلومات و  الخبرات مع خبراء الجهات المعنية ، وكذلك المشاركة فى وضع الخطط والبرامج بالتعاون مع هيئة الخدمات البيطرية فى مجال التقصي النشط للأمراض الوبائية ،  علاوة علي التعاون بين الباحثين فى المعهد و معامل وزارة الصحة فى مجال التصنيف و التحليل الجيني بفيروس انفلونزا الطيور.

و فى مجال الارشاد و التدريب يقوم مركز التدريب المعتمد دولياً بالمعهد  بتنفيذ العديد من البرامج التدريبية المتخصصه  للمتدربين المصريين و العرب و من  دول الافرواسيويه في مجال الامن الحيوي للحفاظ علي الثروة الحيوانية والداجنة و نظم الجوده فى معامل الاختبار و تشخيص الامراض. و فى ظل ظهور العديد من الاوبئه الناشئه التى لم تسجل من قبل ، فإن رفع قدرات المعهد التشخيصية للأمراض الوبائية والمواكبه البحثية للأمراض الوبائية هى من أهم المهام فى المرحلة القادمة.

و لقد صرح الاستاذ الدكتور ممتاز شاهين مدير معهد بحوث الصحه الحيوانيه  بأن المعهد هو المعهد الوطنى المنوط بحماية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية والحيوانات الأليفه والخيول وغيرها والحفاظ على صحة الأنسان من الأمراض المشتركة التى تنتقل من الحيوان إلى الأنسان وهى أمراض كثيرة ومتنوعه بالإضافة إلى توفير غذاء صحى وآمن للمواطن المصرى وانه من منطلق مهام المعهد للحفاظ علي سلامه المواطنين من خطر covid 19  و التأكد من سلامه الغذاء ذو الاصل الحيوانى و كافه المنتجات الحيوانيه  المستورده ، فأن معامل المعهد بالمقر الرئيسى والموانىء ، و باستخدام احدث و ادق التقنيات ، قامت بفحص أكثر من  5000 عينة مستوردة بالمقر الرئيسى والموانىء والمطارات خلال الفترة من 29/1 حتى  19/4/2020 بالإضافة إلى إضافات الأعلاف والمستلزمات البيطرية وغيرها ومنذ إعلان إصابة الحيوانات الأليفة بإصابتها بالكرونا فتـم إتخاذ إجراءات إستباقيه وإحترازية وتم فحص كل الحيوانات الأليفة التى يتم تسفيرها للخارج ليس فقط للكرونا ولكن أيضاً للسعار .

وان نتائج التحاليل كلها جاءت سلبية من فيروس كورونا . و فى اطار الدور المجتمعى للمعهد، فلقد قام المعهد بتطهير وتعقييم العديد من الابنيه الحكوميه للوقاية من الكورونا و شارك اساتذه المعهد بالمشاركة فى العديد من الانشطه الارشاديه للتعريف بمرض الكورونا و سبل الوقايه. و أكد د. ممتاز الي ان التعاون المؤسسى بين وزارة الزراعة والصحة والبيئة هو  الآن على قمة الأولويات لتفعيل منظومة الصحه الواحده ، و ان المعهد علي استعداد لتوثيق اوجه التعاون مع الجهات ذات الصله للعمل كفريق واحد نحو وضع إستراتيجية وطنية فعالة للتصدى للأمراض المشتركة ، وكذلك انشاء فرق علميه من الباحثين لإعداد الدراسات والأبحاث المشتركة الموجهة نحو دراسة الأمراض المتوطنة والناشئة والعابرة للحدود والمعاودة للظهور وتكثيف أبحاث الهندسه الوراثية لانتاج فاكسينات و ادويه فعاله و قادره علي حماية الانسان و الحيوان ، والعمل على توعية وتثقيف المجتمع بأهمية الوعى و الوقايه من الامراض،  و وضع كافه امكانيات المعهد فى خدمه جهود الوقايه و مكافحه الأوبئة .

و فى الختام فإننا نود التأكيد على أن العالم  دون استثناء ، الآن و عاجلاً  ، و في ضوء مستجدات وباء الكورونا ، أصبح فى حاجه ماسه إلى دعم قدرات نظام الرعايه الصحيه و  الطب البيطرى سواء علي المستوى العالمى و الوطنى و تدعيم البنيه التحتيه التشخيصيه ، و رفع قدرات العاملين فى ذلك المجال ،  و اكتساب القدره علي التقصي المستدام  و التنبأ بالأمراض الوبائيه  ، و  الكشف الدقيق و رد الفعل السريع  القادر علي الحد وتقييم وتقليل المخاطر بما يضمن حمايه المواطنين و الثروه الحيوانيه و البيئه.

ان الصراع مع  الأمراض الوبائيه هو قدر البشريه و لا مناص من العمل بكل جد و جهد للوقايه من تداعياته الخطيرة.

و فى مصر ، فأن منظومة الصحه الواحده أصبحت حقيقه  ملحه وملموسه لحمايه  رفاهية وسلامة وطننا ،  و معهد الصحه الحيوانيه علي اهبه الاستعداد و القدره لتفعيل هذه المنظومة فى اسرع وقت ممكن ، والعمل يدا بيد وكتفاً بكتف مع شركاء الوطن و الله ولي التوفيق   .

اجري توداي على اخبار جوجل

 

تعليق واحد

  1. مجهودات رائعة من معهد بحوث صحة الحيوان و نسأل الله لكم التوفيق دائما للحفاظ على صحة الحيوان و الانسان

زر الذهاب إلى الأعلى