الأخبارالانتاجمصر

 د ياسر عبدالحكيم:  خطورة مسببات الحساسية فى بعض منتجات الالبان

 باحث أول صحة الأغذية – معمل فرعى الأسكندرية- معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر

– تعتبر مصادر الحساسية التى تصيب الإنسان عديدة ومتنوعة . وربما يكون أكثرها شيوعا هى الحساسية الناتجة عن تناول أنواع معينة من الأغذية والتى قليلا ما تسلط عليها الأضواء، ومع ذلك فإنها قد تصبح تهديدا للحياة فى بعض الأحيان.

ومن خلال الأبحاث الحديثة حدد الباحثين بقسم الغذاء بجامعة نبراسكا حوالى 160 نوع من الأغذية التى تتسبب فى الحساسية . كما أن 90% من ردود الفعل الحادة تنتج عن سبعة أنواع من الغذاء فقط ، وهذه الأنواع هى البندق والفول السودانى والبيض والحليب والصويا والقمح والقواقع وهى من المكونات الأولية لكثير من المنتجات الغذائية المصنعة

تعتبر منتجات الالبان أكثر الأغذية إنتشارا وتداولا لما تحتويه من عناصرذات قيمة  غذائية ضرورية لبناء جسم الإنسان بالإضافة إلى سهولة هضمها . ومنها أنواع الجبن المختلفة والزبادى أكثرها إستهلاكا نظرا لمذاقها المتميز وسعرها المناسب وسهولة هضمها . لذلك يعتبر تطبيق الإشتراطات الصحية  فى إنتاج وتداول هذه المنتجات من الأهمية القصوى؛ ونظرا لإنتاج هذه المنتجات الغذائية  بكميات كبيرة وطرق تصنيع مختلفة مما يجعلها عرضة للتلوث بالعديد من الميكروبات الممرضة والتى تؤدى إلى تحلل البروتين بفعل إنزيمات هذه الميكروبات وتحويله إلى أمينات حيوية والتى تؤدى إلى أضرار بالغة الخطورة بصحة المستهلك.

وبتحليل الدراسات والأبحاث الحديثة يتضح أن الأمينات الحيوية من أخطر مسببات الحساسية للإنسان . وتتكون الأمينات الحيوية نتيجة لظروف التخزين السيئة ومن أهم أنواع الجبن والتى تعتبر مصدرا لتلك لتلك الأمينات الحيوية هى الجبن الرومى والجبن المطبوخ والجبن القريش  وهى تعتبر بيئة نموذجية للكثير من الميكروبات المحللة للبروتين وتحويله لأمينات حيوية مثل(الهيستامين والتيرامين وكادافرين وأجماتين و…..) وبعضها يتحد مع النيتريت وتكون مركبات مسرطنة مثل نيتروسبيرميدين ونيتروسبرمين  وتتسبب أيضا فى التشوه الخلقى للأجنة .

وتظهر الأعراض المرضية المباشرة بعد تناول كمية من الجبن والزبادى تحتوى على حوالى من 30 – 50 مللى جرام /100 جرام من الغذاء المستهلك من الأمينات الحيوية وتظهر الأعراض المرضية  خلال فترة تتراوح من عشرة دقائق إلى ساعتين عقب إستهلاك المادة الغذائية على صورة تورد وحساسية فى الوجه والرقبة مع إحساس بالسخونة وحرقان فى الفم  يعقبه صداع شديد مع الشعور بنبضات القلب .

هذا بالإضافة إلى ظهور أعراض أخرى فى بعض الحالات متمثلة فى هيئة دوار وإغماء، قىء وإسهال وإضطرابات معوية بالجهاز الهضمى مع ألام فى البطن ؛ كما تظهر بقع حمراء بالجلد على شكل أرتيكاريا وحساسية جلد وهبوط بضغط الدم والصداع وخاصة مع الهيستامين ؛ وخصوصا عند الأشخاص الذين يتعاطون أدوية مهدئة  والمصابين بهبوط ضغط الدم وبعض قرح الأمعاء عند تناولهم كمية كبيرة من الجبن والزبادى وخصوصا الجبن الرومى والجبن المطبوخ المحتوى على نسبة عالية من الهيستامين  والتيرامين . ويتكون مركب الهستامين من خلال تحويل  مركب الهستدين الموجود فى الأغذية بواسطة إنزيم هستدين ديكاربوكسيليز المفرز بواسطة بعض الميكروبات المحتمل تواجدها بالمواد الغذائية نتيجة لتلوثها من المصادر المختلفة مع توافر درجة الحرارة والوقت الكافى لتكوين الهستامين فى الغذاء.

وقد كانت أول ملاحظة لربط الأعراض بتناول الجبن والزبادى عام 1967 بصورة وبائية بالولايات المتحدة وعند تحليل الجبن المستهلك وجدوا به نسبة أمينات حيوية تصل إلى 85 مللىجرام /100جرام جبن .

وقد ظهرت الأعراض الأكثر شدة فى الأشخاص الذين يعانون من إنخفاض ضغط الدم وهم يمثلون 20% من البشر العاديين .

بالنسبة لهؤلاء الذين يدركون أن لديهم حساسية لغذاء معين يجب الإبتعاد التام عن تناول تلك النوعية من الأغذية ، فإن بداية مثل هذه الأعراض له يدق ناقوس الخطر ، ويجب أن يكون رد فعلهم لذلك هو تعاطى الدواء المناسب من أنواع مضادات الحساسية  و التوجه إلى أقرب مستشفى فى أسرع وقت ممكن، إلا أنه مع الأسف يوجد حالات تكون البداية فيها سريعة بحيث لا يكون هناك وقت للشخص الذى يعانى من الأعراض ليأخذ أى دواء . وفى مثل هذه المواقف النادرة فما على الشخص سوى أن يأمل أن يتواجد مع أشخاص يتفهمون الحالة التى إصابته ويستطيعون إتخاذ الإجراء المناسب .

– لذلك نوصى بتطبيق كل الإشتراطات الصحية بداية من صناعة الجبن والزبادى ومتابعة خطوات التصنيع بمراحلها المختلفة وإختيار الإضافات الغذائية السليمة لإنتاج جبن صحى سليم ومراعاة التداول السليم وتجنب سوء التخزين وعمل الإختبارات الدورية والتحليل الدورى للمنتجات المخزنة لقياس كمية الأمينات الحيوية حتى لا تتعدى الحدود الضارة للمستهلك ؛ كما ننصح الأشخاص المصابين بهبوط ضغط الدم بعدم الإسراف فى تناول الجبن الرومى والمطبوخ بكميات تزيد عن 100 جرام فى الوجبة الواحدة .

– هذا ويجب المضى فى تحسين الجودة والسلامة  الميكروبيولوجية للجبن والزبادى للحفاظ على صحة المستهلك وحمايته من التعرض لخطورة الحساسية المتوقعة .

– ومن ناحية أخرى يجب الإهتمام بعمل برامج تثقيف للقائمين على تلك الصناعة  وكذلك النشرات الإرشادية تعتبر أدوات تستطيع أن تثقف المستهلك فيما يخص سلامة الغذاء بما فى ذلك مسببات الحساسية والتغذية السليمة.

– ويجب أن يعى القائمون على الصناعات الغذائية أن المستهلك أصبح لديه دراية ووعى تام فيما يخص التغذية والصحة والسلامة. ومع تطبيق نظام تحليل المخاطر (نقاط التحكم الحرجة)فى مصانع الأغذية بالإضافة إلى البرامج الضرورية لما قبل البدء فى العمل بهذا النظام من المفترض عليها أن تقلل من حوادث ردود الفعل الناتجة عن الحساسية . وبطبيعة الأمر فإن المستهلك يقع عليه جزء من هذه المسؤلية وذلك عن طريق قراءة الملصقات وتفادى الأغذية التى قد تسبب الحساسية وقد يكون للعلم دور فى التقليل من حوادث الحساسية .وهناك من يعتقد أن الهندسة الوراثية قد تتمكن من القضاء على البروتينات الضارة من بعض الأغذية والتى تعمل كمسببات الحساسية وحيث أننا نجهل ما يخبىء لنا المستقبل إلا أننا وبدون شك نمر بفترة حيث أصبحت مسببات الحساسية تحتل مركز الصدارة.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى