FAO \ OIEالأخبارالانتاجالصحة و البيئةبحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

أوراق كردي من لندن: يوسف والي كان مستمع  جيد وشخصية نبيلة وعقلية فولاذية

في مرحلة من مراحل تواجدي في مصر بدأت أهتم “بتصريحات” سائقي التاكسيات لاني كنت انوي نشر كتاب بعنوان”من اوراق كوردي في القاهرة” والذي تم طبعه ونشره في القاهرة العام الماضي.بواسطة مرز الدراسات الكردية في القاهرة وكتبت اكثر محتويات الكتاب اثناء إشغالي لمنصب المستشار الإقليمي للإنتاج والصحة الحيوانية في المكتب الإقليمي للفاو (FAO ) من1996 حتى 2008 .

كلام سائقى التاكسي المصري اعجبني فحوى موضوعه والمكتبة المصرية فيها عدة كتب وكتيبات حول هذا الموضوع وبما ان المتداول بين الأجانب في تلك الايام بأن الكثير من سائقى التاكسي يعملون لجهات أمنيه ولهذا اكثر مستقلي التاكسيات من الأجانب كانوا لا يتجاذبون أطراف الحديث معهم. انا كنت استمتع واتعلم من هؤلاء السائقين لأنهم مثل الجامعة المفتوحة المجانية وكنت دائما اجلس في الكرسي الأمامي  لأكون قريبا من الأفواه التي تخرج منها “الدرر”.

وكنت كثيرا ما استغني عن سيارتي الخاصة مع سائقها لأعرف اخر ما يصرح به سائقي التاكسي من اخبار لا تسمعها الا منهم. الكثير من اخبارهم وأحاديثهم كانت تحتاج الى اكثر من توثيق. في احدى الايام خرجت من مكتب الفاو  الواقع بجوار وزارة الزراعة في الدقي ناويا ان استقل تاكسي للذهاب للبيت في المعادي.

واستوقف نادل السيارات العامل امام باب المنظمة تاكسيا لي وكالعادة استقليت الكرسي الامامي وبدأ السائق الكلام الذي تتعود عليه من سائقي التاكسيات اذا كنت اجنبيا والكلام يبدأ من اي بلد انت وينتهي بإننا احسن ناس.

مقدمات استقلال التاكسي انتهت بسرعة وبسرعة بدأ يشير الى بناية وزارة الزراعة والتي كانت تقع على يمين السيارة وبدأ السائق ينضح من خزين احباطاته . يقال ان فلان سكت دهرا ونطق كفرا واما هذا الذي كان يجلس الى جانبي لم يقل غير كفرا فبعد ان تحقق من هويتي واعطى لنفسه حق استجوابي ثم حول الحديث مباشرة الى تناول سيرة وأعمال الدكتور يوسف والي رغم مرور  عدة شهور على تقاعد السيد النائب من منصبه الوزاري.

حديث السائق كان اكثر ما يوصف “بإنه كلام فارغ “ولا يمت بصلة للرجل الفاضل الذي كان يتكلم عنه. واخذ السائق يسألني بين الفينة والأخرى مستجديا التوافق معه بالقول ولا ايه ؟! يا أستاذ.

وكنت ملتزما الصمت طيلة فترة هذيانه، وبعد ان أنهى كلامه بحق الرجل الطيب بدأت أسرد له السيرة الطيبة للدكتور يوسف والي والذي اعتبره عميد الزراعيين العرب والذي عمل بدون كلل او ملل للأمن الغذائي للمصريين وأنه لا يمكن مقارنته بأي وزير زراعة آخر، حيث أوضحت لهذا السائق أنني قابلت الكثير من وزراء الزراعة في إقليمنا كان اخر ما يفكرون به هو الامن الغذائي لشعوبهم حيث كانوا منبهرين بالنفط”فضلات الشيطان”.

ثم واصلت كلامي للسائق  باني اعرف السيد النائب وأزوره في بيته أو في مكتبه في  وزارة الزراعة حيث لا يملك الفيلات التي ذكرتها وأولاده غير فاسدين لانه غير متزوج وهو ما يدحض المزاعم السلبية عن السيد النائب، لأنني لم ألتقى الا نادرا شخصا مسئولا بمستوى السيد النائب الدكتور يوسف والي ادبا واحتراما وهو “سميع” من الدرجه الأولي لإنه ينصت لكل كلمة ويتفهم معانيها بكل دقة ويمتلك ذاكره يحسده الكثيرون عليها وهي من نعم الله عليه.

المهم بعد وصولي رفض السائق اخذ اجرته وشكرني على ما علمته به من صفات نبيلة للدكتور يوسف والي واستمتع  السائق جدا بكلامي وهذا من طيبة المصريين . وللذين لا يعرفون الكثير عن الدكتور يوسف والي فهو كان وزير زراعة مصر  اي رئيسا لحوالي نصف مليون مستخدم وموظف تابع لوزارة الزراعة وكان نائب رئيس وزراء مصر وعميد الزراعيين العرب وإنسانا نبيلا وكريما ورجل دولة  statesman يعشقه كل من يقترب منه أو يتعامل معه بأريحية لا تجدها في الكثير من وزراء هذا الزمان.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى