د أحمد دياب يكتب: كيف يساهم الإرشاد السمكي في تنمية المصايد الطبيعية؟
>> هناك حاجة ماسة لزيادة الكفاءة الإنتاجية للأسماك وتقليص الفجوة الإنتاجية
المعمل المركزى لبحوث الثروة السمكية – مركز البحوث الزراعية -مصر
نظراً للأهمية البالغة لقطاع الثروة السمكية فقد تنوعت وتعددت الجهود الرامية الى تنمية الإنتاج السمكي ورفع إنتاجية كافة مصادره ويعتبر الإرشاد الزراعى أحد الأجهزة التى يمكن أن تلعب دوراً هاماً فى رفع الكفاءة الإنتاجية لمزارعي وصائدي ومنتجي الأسماك عن طريق تثقيفهم وتوعيتهم بنتائج الأبحاث فى مجال الإنتاج السمكي.
وقد حقق الإنتاج السمكي في مصر طفرة كبيرة فى الآونة الأخيرة، حيث بلغ إجمالي إنتاج الأسماك ما يقرب من 2 مليون طن عام 2019 ويبلغ إجمالي إنتاج المصايد الطبيعية حوالى 400 ألف طن بنسبة 20% من الإنتاج السمكي، وإجمالي إنتاج الاستزراع السمكي حوالى 1,6 مليون طن بنسبة 80%، إلا أنه من الملاحظ تدني الإنتاج من المصايد مقارنة بالاستزراع السمكي علي الرغم من أن مصر تتمتع بمسطحات مائية تبلغ جملة مساحتها نحو 14 مليون فدان وتتسم بتباين درجة ملوحتها بين المياه العذبة والشروب والمالحة، وبذلك تتعدد وتتباين أنواع الاسماك القاطنة في هذه البيئات المختلفة.
مع تزايد الاهتمام بتقليص الفجوة بين الإنتاج السمكي والاستهلاك وعلي الرغم من توافر المقومات والموارد الأساسية لإنتاج الأسماك بمصر والطفرة الهائلة التي حققها القطاع السمكي في الآونة الاخيرة فإن الأرقام تشير إلي عجز قطاع الثروة السمكية عن تحقيق المزيد من الإنتاج المتوقع من هذه الموارد لمقابلة الإحتياجات الغذائية السمكية المتزايدة للسكان، وأن الحاجة مازالت ماسة لزيادة الكفاية الإنتاجية من القطاع السمكي، وتقليص فجوة الإنتاج السمكي المحلي والواردات السمكية، وذلك من خلال تنمية وتحديث المصائد السمكية وتطور عمليات الصيد في مناطق صيد الاسماك وكذلك تنمية مهارات وخبرات القوي البشرية العاملة بالقطاع السمكي.
ومن هنا تبرز الحاجة الي تنمية المصادر السمكية سواء من المصادر الطبيعية أو من خلال تنمية وتعزيز الاستثمارات الموجهة إلي أنشطة الاستزراع السمكي وذلك باعتبار أن منتجات هذا القطاع بما تنتجه من بروتين يخفف من حده الضغط للحصول علي الإحتياجات اللازمة من البروتين، ولقد كان أحد توجهات تطوير إنتاجية الأسماك في إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 هي التنمية المستدامة للإنتاج في البحيرات الشمالية والبحيرات الداخلية عن طريق توفير الإمكانيات والاعتمادات اللازمة والحد من تلوث المسطحات المائية والتنفيذ الصارم لقوانين الصيد وحماية البيئة سعياً لتنمية هذه المسطحات الطبيعية.
وقد اتجهت أجهزة الإرشاد الزراعى الى الاهتمام بالإرشاد السمكي لما يحظى به هذا المجال من أهمية خاصة بين المجالات الزراعية المختلفة والتى تسهم بدور ملموس فى التغلب على مشكلات نقص الغذاء خاصة مشكلة نقص البروتين الحيواني. وهذا ما يستدعى التركيز والاهتمام بمجال الإرشاد السمكي ووضع البرامج الإرشادية السمكية التى تعمل على تنمية وتطوير هذا القطاع الإنتاجي الهام والارتقاء بمستوياته التشغيلية والإنتاجية وتعظيم الاستفادة من موارد الثروة السمكية والحفاظ عليها.
أهم المشكلات التى تتعرض لها المصادر الطبيعية بصورة عامة:
أولاً: مشكلة تجفيف البحيرات: من خلال تعديات الأهالي بإقامة الحوش والسدود المخالفة داخل مناطق الصيد الحر.
ثانياً: مشكلة التلوث: وتتمثل مصادر التلوث (صرف صحي – زراعي – صناعي) على المسطحات المائية بالبحيرات.
ثالثاً: الصيد الجائر: صيد الزريعة بلنشات تتعدى قدرتها في بعض الأحيان إمكانيات شرطة المسطحات وكذلك مشكلة لنشات ومراكب النزهة التي تمارس الصيد بدون ترخيص وتزاول كثيراً من المخالفات، والصيادين الذين يستخدمون شباك مخالفة (الحرف غير القانوينة).
رابعاً: تغير التركيب النوعى للأسماك: تغيرت أنواع الأسماك الموجودة فى البحيرات بصورة كبيرة مما أدى الى أختفاء أنواع الأسماك الأقتصادية الموجودة فى البحيرات.
خامساً: مشكلة إطماء البواغيز وانسدادها: حيث تؤدى إلى عدم وجود تبادل كافي لدخول المياه إلى البحيرات مما يؤدى إلى تعذيب مياه البحيرات وانتشار النباتات المائية كما سبق ذكره. كما يؤدى إلى تقليل كميات الزريعة التي تدخل إلى البحيرات.
سادساً: انتشار النباتات المائية: بكافة أنواعها وهذه تقلل من مساحات الصيد الحر فضلا عن أنها تشجع الأهالي على التعدي وتجفيف البحيرات –ويساعد على انتشار هذه النباتات تعذيب مياه البحيرات.
ثامناً: غياب التواجد الأمنى وعدم وجود النقاط الأمنية داخل البحيرات أو على حدودها أدى الى أنتشار الجزر والبؤر الأجرامية بالأضافة الى أعطاء الفرص للتعديات على المسطح المائى للبحيرات.
الإرشاد السمكى
يعتبر علم الإرشاد السمكي مزيج بين عدد من العلوم الاجتماعية والزراعية والطبيعية وعلوم البيئة كما يساهم في عملية الربط بين البحث العلمي والمشروعات السمكية, وخلق التوازن بينها بشكل يعزز التكامل الوظيفي فيما بينها. ويتكون الارشاد السمكى من عدة عناصر مترابطة ببعضها البعض، حتى يسير العمل الارشادى بشكل دقيق، ونحو مساره الصحيح، ويعتمد الإرشاد السمكى فى أدائه لأنشطته على معظم الطرق الإرشادية المتعارف عليها، كما أنه يركز أكثر على طرق الإيضاح العملى، والمطبوعات، والزيارات الميدانية حقلية أو منزلية لأنها اكثر ملاءمة للإرشاد السمكى من الطرق الإرشادية الأخرى، وله دور هام وحيوى لتوصيل المعلومات الصحيحة والسليمة، ونقل الخبرات عن المصادر الطبيعية بواسطة أخصائيين ذو خبرة كافية، ونقل نتائج البحوث الحديثة عن طريق عمل الندوات والحلقات الإرشادية فى مواقع الإنتاج، وإستخدام كل وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وتليفزيون فى نشر الوعى بالثروة السمكية، وعقد الدورات التدريبية لنقل الخبرة لصائدى الأسماك.
- أهــداف الإرشـــاد السمكى
أن الارشاد السمكى يعتبر أحد أهم المؤسسات التى تسعى إلى تحقيق التنمية الشاملة للجمهور من صائدى الأسماك من خلال تزويدهم بالمعارف والمهارات التى تمكنهم من العمل على حل المشكلات التى تواجههم، وبصفة عامة فانه يمكن تقسيم أهداف الإرشاد السمكى إلـى:
- أهداف تعليمية: يمكن تحقيقها على المدى القريب من خلال توعية مزارعى الأسماك وأسرهم وتثقيفهم وتزويدهم بالمعارف والمهارات التى تقابل احتياجاتهم واهتماماتهم.
- أهداف اقتصادية: يمكن تحقيقها على مدى أبعد نسبيا نتيجة للتغير الذى يحدث نتيجة لتحقيق الاهداف التعليمية مما يؤدى الى زيادة الدخل عن طريق الاستخدام السليم للموارد الطبيعية والبشرية والمالية الامر الذى ينعكس على زيادة الانتاج مع تقليل التكاليف.
- أهداف اجتماعيـة: والتي تتمثل في تنمية القيادات المحلية من مزارعى الأسماك، وتشجيع دائرة المشاركة في العمل التعاونى والجماعى وتحسين مستوى الحياة الأسرية.
العمل الإرشادى الزراعى ما يزال قاصراً على المجالات الإنتاجية الزراعية دون السمكية، بالإضافة الى ندرة البحوث الإرشادية المعنية بقطاع الثروة السمكية مما أدى الى ضرورة العمل على تحديد المادة الإرشادية السمكية فى صورة ممارسات وأساليب إرشادية قادرة على تحقيق زيادة الإنتاجية والمحافظة على المخزون السمكى من خلال العمل على تنمية المعارف والمهارات صائدى الأسماك.
مبادئ الإرشاد الزراعى السمكى:
- الارشاد الزراعى جهاز فنى اعلامى يُعلم صائدى ومنتجى الأسماك ما يجهله.
- يتعامل الارشاد الزراعى مع صائدى ومنتجى الأسماك ايا كان مجال انتاجه دون ارتباط بالعمر أو الجنس أو الديانه.
- يستخدم الارشاد الزراعى السمكى كل الطرق والوسائل التعليمية المعروفة لتوصيل المعلومة الارشادية الى صائدى ومنتجى الأسماك واقناعهم دون ضغط او اجبار.
- على الارشاد الزراعى السمكى التعامل مع التوصيات البحثية السمكية القابلة للتطبيق تحت الظروف المحلية للمزراع السمكى.
- وبناءاً على ما سبق تقوم اجهزة الارشاد الزراعى بالعمل على تبسيط نتائج البحوث الزراعية والتوصيات الفنية لنشرها بين صائدى الأسماك والعمل على قيامهم بتطبيق هذه التوصيات، مع نقل كافة مشاكل التطبيق من مواقع الانتاج الى اجهزة البحث لايجاد الحلول المناسبة لها.
التوصيات
- تدريب وتكوين جهاز للإرشاد السمكى، يشتمل على كوادر بشرية مدربة تقوم بإمداد صائدى الأسماك بالتوجيه والمعلومات الضرورية فى مجال الثروة السمكية ويكون حلقة وصل بين الصيادين ومراكز البحوث السمكية المختلفة.
- إنشاء مراكز لحصر وتقدير الإنتاج السمكى ودراسة المخزون السمكى فى مناطق الصيد لتقدير كمية الأسماك بها.
- استخدام أساليب متطورة وحديثة فى الصيد، وذلك بتوفير أسطول صيد حديث يشتمل على أحدث المراكب والسفن المجهزة بأحدث تجهيز علمى متقدم وفقاً للتكنولوجيا الحديثة، وذلك بتزويدها بأجهزة التجميد والتبريد وعمل الصيانة اللازمة لهذه الأجهزة وهذه الأجهزة ضرورية للحفاظ على الأسماك من الفساد حيث تستغرق عمليات الصيد فترة طويلة وإذا لم تتوافر هذه الأجهزة تتعرض الأسماك للتعفن والفساد.
- تطبيق التشريعات الخاصة بالصيد والتى من أهمها: عدم استعمال أساليب الصيد الجائر، واستخدام شباك الصيد المخالفة ذات الفتحات الضيقة وذلك للمحافظة على الزريعة وعدم استنزافها. عدم إلقاء مخلفات الصرف الصحى، ومخلفات المصانع. ومنع الصيد خلال فترة تكاثر الأسماك ومنع صيد الأمهات أثناء الهجرة لوضع البيض.
- العمل على تطهير بواغيز البحيرات للحفاظ على الأسماك ولضمان وصولها طازجة إلى المستهلك.
- العمل على التوسع فى إنشاء جمعيات تعاونية لصائدى الأسماك تهدف إلى رعاية الصيادين اجتماعياً وصحياً وإمدادهم بأدوات ومستلزمات الصيد الحديثة اللازمة وتقديم القروض لهم لشراء هذه المستلزمات.
- إستخدام البحوث العلمية والإستفادة من التقدم العلمى فى حل مشكلة عدم استواء قاع المصايد البحرية المصرية وكثرة الصخور بها.
شارك هذا الموضوع :
