الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

  د علي إسماعيل يكتب: نظرة الي مستقبل  الزراعة المصرية 

>> تحديث الزراعة يبدأ بتحويل الري من «الغمر» إلي «الحديث» في مساحة 5 ملايين فدان

أستاذ إدارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعيه – مصر

الزراعة المصرية تعد من افضل  الزراعات في المنطقة العربية وشمال افريقيا لتنوع مواردها الطبيعية ، وخبرات مزارعيها ، والثراء الفني والتكامل المؤسسي لما تمتلكه من أجهزة البحث والتطوير التقني القادر علي تطويرها وتحسينها خلال فتره وجيزة قد لا تتعدي الخمس سنوات وبالتعاون مع القطاع الخاص الاستثماري المصري وجهود القوات المسلحة المصرية من خلال جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ومجموعة شركاته العاملة في مجالات الزراعة المتكاملة  والتي يمكن من خلالها القفز بمعدلات تنموية داعمه للاقتصاد القومي وتقليل الفجوة الغذائية وتخفيض فاتورة الواردات الزراعية التي تشكل عبئ اساسي علي ميزان المدفوعات في ظل نقص الموارد الدولاريه للدولة  ومع المتغيرات العالمية في ظل ازمة كورونا .

ان محاولات الدفع في اتجاه التنمية الزراعية المستدامة بتبني مجموعه السياسات الزراعية المتكاملة المرتبطة بالانتهاء من التشريعات الزراعية وتشجيع المزارعين والمنتجين الزراعيين بنقل التكنولوجيا اليهم وخفض فوائد الاقراض الزراعي ضمن المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر  وبصفه خاصه مشروعات تحديث الري الحقلي.

هذه المشروعات تهدف الدولة من خلالها لتحديث مساحة تقترب من 5 مليون فدان بالأراضي القديمة بالوادي والدلتا وجزء من الاراضي الجديدة التي استخدمت الري بالغمر بدلا من النظم الحديثة كالري بالرش والتنقيط لزيادة الإنتاجية وخفض تكليف الانتاج لتوفير الاسمدة والطاقة والعمالة وزيادة المساحة المنزرعة وطبقا لنوعية التربة وخواصها وتحسينها واستخدام الممارسات الزراعية المناسبة والمحافظة عليها من التمليح او التصحر  وحمايتها من التدهور لجعلها العنصر الاساسي في منظومة الانتاج الزراعي  .

اتاحة التمويل الميسر من الحكومة لذلك بقروض ميسرة تصل الي 5 بالمائة  علي 5 سنوات سوف تعظم الفرص المتاحة في الانتاج الزراعي وتذيد من تشغيل  الايدي العاملة في هذا القطاع  وذلك من خلال فرص حقيقيه فاعله في الريف المصري الذي يعاني الكثير من المشاكل والبطالة  بعد دخول شركات تحديث منظومة الري الحقلي للعمل في التركيب وانشاء المنظومة وكذلك دعم منظومة التصنيع المحلي لإنتاج مستلزمات شبكة الري من مواسير وطلمبات فلاتر  وخراطيم ورشاشات وغيرها مع المشروعات كثيفة العمالة كمشروعات تصنيع الحرير وتجميع الالبان ومحطات الفرز والتعبئة والتغليف للمنتجات الزراعية .وان ما تبذله الدولة وقطاعاتها المعنية  ربما تكون وزارة الزراعة احد الأذرع الفاعلة في الفترة القادمة مع الركود الاقتصادي العالمي  مع تبطيء نمو قطاعات السياحة والبترول والاسكان  .

القطاع الزراعي هو القطاع الاكثر ديناميكية وحيوية  و القادر علي النمو واستيعاب القدر الاكبر من الاستثمارات المتنوعة في استصلاح الاراضي وزيادة الرقعة الزراعية وما يتطلبه ذلك في مشروعات الانتاج الزراعي المكشوف وتحت الصوب الزراعية والانتاج الحيواني والداجني ومعهم الانتاج السمكي ومتطلبات ذلك من مصانع اعلاف ومحطات فرز وتعبئة ومراكز لتجميع الالبان والتي تصب كلها في عمليات التصنيع الزراعي والاستفادة من المنتج الزراعي ورفع القيمة المضافة لهذه المخرجات الزراعية والتي ثر علي جهود التنمية الحقيقية التي تبذلها الدولة المصرية مع زيادة مضطردة في النمو السكاني .

إستعراض هذه الملفات  بوضح ان القطاع الزراعي لو احسن استخدامه والاستفادة بالإمكانيات المتاحة لديه من خلال مخصصات خطه استثماريه طموحه ينفق عليها نصف ما انفق في السياحة او البترول لحققت فائضا كافيا لموارد الدوله مقارنة مع هذه القطاعات المختلفة وتامين حاجة البلاد وبما يطلق عليه الامن الغذائي بمفهومه الشامل والمتكامل  من التقلبات الدولية والعالمية ونقص المعروض من الغذاء . فكم كان القطاع الزراعي يمثل المصدر الرئيسي من العملة الصعبة حتي نهاية السبعينات.

واذا نظرنا بنظرة موضوعيه ان من أخطر المشاكل التى تواجه الانشطة الزراعية القائمة وما يبذل من جهود وانفاق العديد من الاموال لإنتاج منتجات زراعية يتعذر تسويقها بأسعار مناسبة او الاستفادة منها بزياده القيمه المضافة لها بتصنيعها والاستفادة من القدرات التسويقية لها سواء بالسوق المحلي او الخارجي بزياده حجم الصادرات الزراعية للمنتجات الطازجة للخضر والفاكهة والزهور والمنتجات المصنعة مثل المنسوجات ومنتجات الصناعات الغذائية والالبان وغيرها.

هذه التحديات تحتاج الي دراسات شاملة ومتكاملة وتفعيل صندوق التأمين علي السلع والمنتجات الزراعية من خلال عودة الاليات المناسبة لصندوق الموازنة الزراعية ودعم موارده برسم الوارد والصادر من المنتجات الزراعية المصدرة والمستوردة بصورها المختلفة ونسبة من ضريبة الطيان الزراعية بعد تعديلها  ونسب تأمينيه علي الطن المنتج من المنتجات الزراعية الطازجة في السوق المحلي وعلي ان  تخصص هذه الموارد لدعم هذا الصندوق وتمويله لدعم ومجابهة المخاطر والكوارث وانخفاض الاسعار ليتم اعادة الدعم دون تحمل الدولة وموازنتها اي اعباء ماليه والاستفادة منها في التجميع الزراعي مع الحيازات المفتتة والزراعات التعاقدية .

ونري اهمية الزراعة المصرية  وميزتها النسبية بحكم الكتلة السكانية المصرية الكبيرة ، والموقع الاستراتيجي لمصر بتوسطها بين قارات ثلاث ، وبانضمامها للعديد من الاتفاقيات الدولية التى تزيد من قدرة منتجاتها على النفاذ الى الاسواق الخارجية وجهود القيادة السياسية الداعمة للقطاع الزراعي  كل ذلك يتيح للمنتجات الزراعية المصرية سوقا واسعة فى الدخل والخارج ، طالما تحصنت منتجاتها بمقومات القدرة التنافسية المتعارف عليها ، وطالما تزايدت قدرة المنتجين الزراعيين على التجاوب مع متطلبات الاسواق الخارجية الدولية.

ومن هنا لابد ان يتوافر للزراعة المصرية شقا هاما من استكمال المنظومة التشريعية وإصدار قانون الزراعة الموحد والتعاونيات الزراعية وهيكلة المكونات المؤسسية للقطاعات الزراعية في ظل عدم توفر التعينات  اللازمة لإحراز معدلات عالية من الانجاز واعادة الديناميكية لها في تحسين مخرجات التنمية الزراعية والمساعدة علي ضخ استثمارات اضافيه لهذا القطاع لتنشيطه وتحسين الفرصة التنافسية به وخصخصة  كثيرا من خدماته الجماهيرية .

ولابد تكون الاولوية في تحسين إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية من خلال برنامج وطنى فى مدة خمس سنوات لمضاعفة هذة الانتاجية لبعض المحاصيل الرئيسية مثل القمح – الذرة – القطن – الارز والزيتون لإنتاج الزيوت والتمور لإنتاج الاصناف العالية الجودة والاستفادة  منه في انتاج السكر والاعلاف.

ولا شك ان اهتمام القيادة السياسية بمحور استصلاح الاراضي وتحديث منظومة الري الحقلي يعتبر من هم المحاور التي ممكن ان تعتمد عليها التنمية الزراعية  المستدامة لما لها من مردود قوي  في زيادة الرقعة الزراعية بإضافة واستصلاح ما يزيد عن نحو 2.5 مليون فدان خلال من خمس سنوات والوصول الي مساحة زراعيه 12 مليون فدان ومساحة محصوليه 20 مليون فدان  وانهاء مشاكل وضع اليد والاستفادة من قيمه عوائد بيع هذه الاراضي وتنمية الموارد المائية لخدمة هذا القطاع بنوعيه جيدة تدعم وتساعد  زيادة القدرة التصديرية للعديد من المنتجات الزراعية  وزيادة الفرص المتاحة للتصنيع الزراعي لزيادة القيمة المضافة للخضر والفاكهة وتقليل الفاقد منها ووفرة المعروض منها على مدار العام فهل يمكن ان نصل بها الي مساهمه في الناتج القومي يذيد عن 25 % بدلا من 16 % حاليا  .

فالأمل لايزال منعقدا والطموح لايزال قائما بما تملكه الزراعة من مقومات واليات ودعم سياسي من السيد الرئيس واهتمامه بهذا الملف  ان يتحقق المستهدف  منها خلال الخمس سنوات القادمة .

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى