الأخبارحوارات و مقالاتمصر

د علي إسماعيل يكتب: عيد الفلاح ونظرة الأمن الغذائي في الجمهورية الجديدة

استاذ ادارة الاراضي والمياه – مركز البحوث الزراعية – مصر  

لاشك أن الزمن والوقت تغير وتغيرت معه شكل الأرض الزراعية وطبيعة الدولة المصرية منذ ثورة يوليو المجيدة ١٩٥٢ ولم يعد الان فلاح استلم عقدا من الأراضي التي تم توزيعها علي الفلاحين وصغار الزراع منذ يوليو وحتى اخر قانون من قوانين الاصلاح الزراعي والذي بات وأصبح المالك لهذه الأراضي غير موجود فقد تم توزيعها علي الورثة او تم بيعها معظمها تحول من جمعيات إصلاح الي جمعيات ائتمانية هروبا من القيود الانضباطية التي كان يتعامل بها العاملين في الاصلاح الزراعي.

وقد اتي عيد الفلاح هذا العام ورحل عنا فارس من فرسان الاصلاح الزراعي المرحوم الحاج مجدي الشراكي رحمه الله احد الرجال اللذين كان لهم دور بارز في العمل التعاوني للإصلاح الزراعي خلال توليه رئاسة الجمعية العامة للإصلاح الزراعي والجهود الذي بذلها لتنفيذ مجموعة من المشاريع الانتاجية التي تخدم مزارعي و منتفعي الاصلاح الزراعي. َ

مع تغير الشكل ومرور الزمن يتغير معه كثيرا من الواقع الذي يمر به الفلاح المصري وطبيعة ممارسته الزراعية والذي أصبح وامسى مع ظهور التكنولوجيا وكثيرا من المتغيرات المحلية والدولية وأيضا السياسات الزراعية والاقتصادية.

وكان تنفيذ مشروع حياه كريمة الذي تشهده القرى المصرية ربما طوق النجاة للقرى المصرية التي حرمت لسنوات عديدة من الخدمات والمرافق لتتغير معه شكل القرية المصرية والفلاح المصري بعد استخدام الموبيل والانترنت وقدرته على الاستفادة من البرامج الذكية والمعلومات العديدة من البرامج والاستخدامات الذكية للتطبيقات الموجودة التي تخدم العملية الزراعية من كل الجوانب سواء المعلومات او البيانات او التوصيات التي يحتاجها دون عناء للذهاب إلى الجمعية او الإدارة الزراعية وغيرها من المتطلبات التي كان يبحث عنها ولا يجدها الا بعناء شديد.

نري ان ذكري عيد الفلاح تعود في شكل جديد بعيدا عن الاحتفالات التقليدية التي لم تعد من الأساسيات ولكنها أصبحت مرتبطة بأشكال جديدة منها تحديث منظومة الزراعة المصرية التقليدية التي ظهرت مع مطلع الخمسينات والستينات من نظم تقليدية الي زراعة حديثة مميكنة من التجهيز الي الحصاد مع مستوى الزراعة ذات المساحات الواسعه في الأراضي الجديدة وتكنولوجيا الزراعة المحمية وتغيرت معها شكل الزراعة وما اتبعها من تقدم في الاصناف وتقنيات جديدة وزيادة انتاجية الفدان وميكنة العمليات والموبيل ابليكيشن الذي يدير ويوفر كل احتياجات الزراع.

وما يحدث من تغير وبشكل سريع مع اهتمام ودعم فخامة الرئيس لملف الزراعة بالكامل والاهتمام بالإنتاج الزراعي وحماية الرقعة الزراعية و استصلاح الاراضي وتحديث الريف المصري جعل الزراعة المصرية اصبحت تنتقل الي مفهوم اخر وجديد مع تحديث منظومة الري الحقلي التي كانت قبل السد العالي تعتمد علي مفهوم ري الحياض مع فيضان النيل و بداية اغسطس وكانت تزرع الارض مرة في العام الي الري المستديم وتزرع الارض مرتين وثلاث مرات في العام بعد انشاء السد العالي وتنظيم مناوبات الري وانتشار هذه الشبكة من الترع والمصارف وكلها تعتمد علي الري بالغمر الذي كان ينفذ مع وفرة من المياه ل 5.5 مليون فدان في السبعينات و 21 مليون نسمة في جينه … .

فكيف يستمر الوضع وعدد السكان تخطي 10٥ مليون نسمه بخلاف اكثر من ١٠ مليون ضيف يعيشون علي ارض مصر وبعد ظهور ازمة الطاقة في أوروبا مع الشتاء القادم فالأرض قديما كانت تزرع بنظام ري الحياض مرة في العام مع الفيضان ثم تحولت بعد السد العالي الي الزراعة المنتظمة لموسم شتوي واخر صيفي و الارض تزرع مرتين في العام وربما اكثر ومساحة محصوليه تعدت 17 مليون فدان.

لذا فإن الامر لابد تغير معه المفاهيم وخاصة مع إدارة الموارد ومدخلات الإنتاج والانتقال من مفهوم الوفرة في ادارة المياه الي مفهوم الندرة وتعظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية ومنها المياه التي انخفض نصيب الفرد منها لاقل من ٥٠٠ متر مكعب في العام بعد ان كان 2500 متر مكعب مع الخمسينات.

واصبحت ثورة يوليو ١٩٥٢ مناسبة عزيزة يتذكرها الكثيرون من الآباء والأجداد ولا يدركها الاحفاد من فلاحي ومزارعي مصر الآن بعد أن رحل الجيل الأول وتغير معه . مفهوم عيد الفلاح والذي نحتفل به وخاصة وزارة الزراعة ممثلة في الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في التاسع من سبتمبر من كل عام .

وهي تعني عودة الروح للجسد بعودة الارض وتوزيعها علي البسطاء والمعدمين وصغار الفلاحين مع ثورة يوليو المجيدة وصدور قانون الاصلاح الزراعي و الذي تم فيه تحديد الملكية الزراعية للأرض والتي بدئت ب ٢٠٠ فدان الي ان وصلت الملكية في الاراضي القديمة الي ٥٠ فدان والمستصلحة الي ٢٠٠ فدان.

ويأتي عيد الفلاح في ظل اهتمام القيادة السياسية لدعم الفلاح وتقديم العديد من التشريعات التي تساعده وتصب في مصلحته منها قانون التامين الصحي وقانون معاشات الفلاح والزراعة التعاقدية وغيرها من القوانين التي ربما تنعكس بمردودها الاجتماعي علي الفلاحين .

النظرة التاريخية لعيد الفلاح والتي واكبت اصدار قانون الاصلاح الزراعي

صاحب هذ القانون تغيرات اجتماعية ورفع الفلاح المصري قامته واسترد أرضه أرض أجداده التي حرم من تملكها لسنين طويلة وتوسعت بالإصلاح الزراعي زراعات مثل القطن وبدأ الفلاح يجني ثمار زراعته ويعلم أبنائه وتغيرت معها التركيبة الديموجرافية للسكان . وكان الحرص من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر هو ان يتحول المستأجرين والعمال والمقهورين الي ملاك للارض ضمن احد أهداف الثورة ١٩٥٢.

وينص القانون على تحديد الملكية الزراعية للأفراد، وأخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين. وصدرت تعديلات متتالية حددت ملكية الفرد والأسرة متدرجة من 200 فدان إلى خمسين فدان للملاك القدامى. وعرفت هذه التعديلات بقانون الإصلاح الزراعي الأول والثاني وأنشئت الجمعيات التعاونية للإصلاح الزراعي لتتولى عملية استلام الأرض من الملاك بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم وتوزيع باقي المساحة على الفلاحين الأجراء المعدمين العاملين بنفس الأرض ليتحولوا من أجراء لملاك.

ويمكننا أن نحدد أهم هذه التطورات بين1952 و1970 فيما يلي:

بلغ مجموع الأراضي التي طبق عليها القانون الاول في 7 سبتمبر سنة 1952 مساحة 653,736 ألف فدان تنتمي إلى 1789 مالكا كبيرا ولكن الأرض التي طبق عليها القانون في واقع الأمر بلغت 372,305 آلاف فدان أما البقية وهي حوالي النصف فقد قام الملاك ببيعها بأساليبهم الخاصة حتى أكتوبر سنة1953 حينما ألغت الحكومة النص الذي كان يتيح للملاك بيعها بأساليبهم ….

– القانون رقم 127 لسنة 1960 الذي أطلق عليه قانون الإصلاح الزراعي الثاني، وأهم ما في هذا القانون هو جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 100 فدان، يضاف إليها 50 فدانا لبقية الأسرة (الأولاد) للانتفاع فقط، وتحريم أي مبيعات للأرض من المالك لأبنائه، كما ألغى القانون الاستثناءات السابقة الخاصة بالأراضي قليلة الخصوبة. وتقدر الأراضي التي آلت إلى “الإصلاح الزراعي” نتيجة هذا القانون بـ214,132 ألف فدان.

– القانون رقم 50 لسنة 1969الذي أطلق عليه قانون الإصلاح الزراعي الثالث، والذي جعل الحد الأقصى لملكية الفرد 50 فدانا.

وتقول الإحصائيات الرسمية بأنه حتى سنة 1969 تم توزيع 989,184 ألف فدان على الفلاحين منها 775,018 ألف فدان تم الاستيلاء عليها وفقا لقوانين الإصلاح الزراعي، و184,411 ألف فدان كانت تتبع بعض المؤسسات المختلفة أما الباقي وقدره 29,755 ألف فدان كان حصيلة أراضي لطرح لنيل، ووفقا لنفس هذه الإحصائيات الرسمية فقد وزعت تلك الأراضي على 325,670 ألف أسرة.

وهنا نقف لنوضح اهمية الارض الزراعية التي حافظ الاباء والاجداد عليها ولم يفرطوا فيها او يبنوا عليها بل ضموا لها مساحات اخري من الارض التي اشتروها من البعض والتي انشغل اصحابها عنها وتركوها لظروف عملهم وهجرتهم الي المدينة واصبحوا لا يستطيعون رعايتها ومتابعتها وقام المستأجرين بشراء معظم هذه الاراضي من اصحابها ولأن الارض لم تكن مجدية او مجزية في ظل التحول الاقتصادي مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وظهور شركات توظيف الاموال وارتفاع عوائد الفائدة بالبنوك عن اسعار الحاصلات الزراعية او الايجارات التي كانت تحصل من المستأجرين مع ارتفاع قيمة الاصول المتمثلة في ثمن الارض .

ومع عدم الاهتمام بالزراعة وانخفاض المردود منها اصبح الاحتفاظ بالأرض يمثل صعوبة مع متطلبات مالكي هذه الاراضي .وان الحياه والمعيشة والهجرة الي المدن ربما شجعت الكثيرون علي بيع الارض الزراعية وعدم التمسك بها . فلهذا تخلص الكثيرون منها ووضعوا ثمن البيع في البنوك للحصول علي عوائد بدون مشقة وجهد يبذل في الزراعة .

ولم يعلم البعض ماذا يحدث في المستقبل القريب والتغير النسبي والفلكي في شكل القري والتي امتدت لها الخدمات ودخول الانترنت وتغيرت حياه القرية وسكانها وأصبح من يعيشون هم احفاد من استفادوا وورثوا ارض الاصلاح الزراعي التي تبدل الحال معها وبدلا من أن كانت ٥ او ٣ افدنة اصبحت بضع قراريط صغيرة ولم يدرك هذا الجيل الوارث اهمية هذه الأرض وماذا فعل فيها الاباء والاجداد من جهد وعرق وقيمة نقدية دفعتها الدولة المصرية من تعويضات للملاك الاصليين في حينه ولازالت تدفع غرامات تقدر بالملاين من تعويضات تحتاج الي المراجعة وخاصة لأحكام واجبة التنفيذ علي أمور تعدت اكثر من ٦0 عاما.

منظومة التحديث والتطوير الحالية:

ولاشك أن هناك تغيرات جديدة بتحديث وتطوير الريف المصري لتحسين الخدمات والمرافق لتتغير معها طبيعة الريف وليستقر الافراد بالريف وتقليل الهجرة إلى المدن فالمشروع وما يطلق عليه بمشروع حياه كريمه الذي يغطي ٥٠ بالمائة من قرى الريف المصري لأكثر من ٥٠ مليون نسمه بتكلفة استثمارية تزيد على ٧٠٠ مليار جنيه مصري ربما انت هذه المبادرة ومستمر تنفيذها رغم الظروف الصعبة الاقتصادية التي تمر بها مصر والعالم الا ان السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي قد طلب من الحكومة عدم توقف هذا البرنامج لانه يخدم الفئات الاقل دخلا والمهمشة والتي حرمت من الخدمات والمرافق لأكثر من ٧٠ عاما منذ ثورة يوليو لتمثل هذة المبادرة الجديدة عبورا جديدا وعيدا مختلفا للفلاح والمزارع المصري في الريف المصري الذي أصبح على خريطة التنمية الاجتماعية العمرانية.

إن الأمر يتطلب جهودا متكاملة من الفلاحين والمزارعين للحفاظ على الرقعه الزراعية وبذل الجهد في زياده الانتاجية للأراضي الزراعية المنزرعة ورفع الانتاجية لوحدة المساحة لزيادة الإنتاج ودخل المزارع وتحديث منظومة الري والاستفادة من تقنيات الزراعة الحديثة وعمل شركات تسويق منتجات المزارعين والتوسع في المشروعات الصغيرة الانتاجية داخل القرى المصرية لتحقيق مفهوم الأمن الغذائي المصري في ظل التغيرات المناخية والاقتصادية العالمية.

اذا نطرنا الي الواقع وما يحيط بالمنطقة العربية من متغيرات دولية في ظل المستجدات العالمية ومحاولات تغيير موازين القوي الدولية للوقوف في مواجهة الهيمنة الامريكية وسطوة الدولار علي العالم وبعد زيارة الرئيس الصيني للمملكة العربية السعودية وعقد مجموعه من القمم مع القيادة الصينية التي تسعي الي الدفع بتوازن اقليمي ودولي جديد واتفاقيات اقتصادية مع دول المنطقة العربية ومحولات الدخول في منظمة البريكس الذي تم تأسيسها ككيان اقتصادي يقلل من هيمنة الدولار علي الاسواق والمعاملات التجارية التبادلية والتي سوف تقلل الضغط علي الدولار مستقبلا في ظل متطلبات صندوق النقد وزيادة الواردات الي اكثر من ٨٠ مليار دولار من السلع ومستلزمات الصناعة والحبوب واللحوم وغيرها من المواد الغذائية فان الزراعة المصرية قد تكون احد ركائز الصادرات السلعية خلال الفترة المقبلة من الخضر والفاكهة والصناعات الغذائية في محاور التبادل التجاري لمجموعة دول البريكس وتسعى مصر للانضمام إلى مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة الرئيسية التي يسيطر أعضاؤها على ربع الاقتصاد العالمي بانضمامها إلى البنك التنمية الجديد “NDB” الذي يمثل خطوة مهمة نحو الانضمام المجموعة الاقتصادية الهامة وبناء شراكة قوية مع بنك التنمية الجديد الذى يمتلك قدرات تمويلية هائلة، وخبرات دولية متقدمة يمكن أن تساعد مصر في تلبية احتياجاتها التمويلية، وتعظيم جهودها فى تطوير البنية التحتية، على نحو يسهم في تحقيق الأهداف الطموحة لمصر فى مجال التنمية المستدامة، خاصة أن البنك يعد بمثابة منصة جديدة لمصر لتعزيز التعاون مع دول تجمع “بريكس” وغيرها من الاقتصادات الناشئة والبلدان النامية في مجال البنية التحتية والتنمية المستدامة.وتعزز التغيرات الاقتصادية التي يشهدها العالم حاليًا، وقد وجدت مصر طريفا جديدا للتنمية بموافقة الانضمام لمجموعة “بريكس” للاقتصادات الناشئة، اعتبارا من يناير 2024 ويعتبرها البعض التحالف المضاد والمنافس المستقبلي لمجموعة السبع الصناعية الكبرى.

وتمثل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا ما يقرب من ربع الاقتصاد العالمي وساهمت بأكثر من نصف النمو العالمي في عام 2016، وتنتج تلك الدول 30% من ما يحتاجه العالم من السلع والمنتجات فيما يمثل تعداد مواطنيها 40% من تعداد العالم.

تمتاز تلك الدول بمساحة جغرافية كبيرة تزيد على 39 مليون كيلومتر مربع تعادل 29.3% من إجمالي اليابسة مع تنوع في الإنتاج، ففيها أكبر منتجين للقمح والحبوب واللحوم والغاز، علاوة على أن الناتج المحلي لها أكبر من الناتج المحلي لدول مجموعة السبع الصناعية الكبرى.

وانضمت مصر إلى بنك التنمية الجديد “NDB” الخاص بدول تجمع بريكس، واعتبرها ماركوس ترويخو رئيس البنك، واحدة من أسرع دول العالم نموًا، كما تمتلك اقتصادًا رائدًا بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.بالنسبة للتحالف فإن مصر نافذة أكبر على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أنها محطة أساسية لطريق الحرير الصيني، علاوة على موقعها الذي يؤهلها للقيام بأدوار أكبر لتصريف منتجات دول بريكس في أفريقيا خاصة أن جنوب أفريقيا بحكم موقعها الجغرافي المتطرف، لا يمكنها القيام بذلك الدور في القارة السمراء. وتستورد مصر من دول التحالف الحبوب واللحوم والسيارات والأجهزة الإلكترونية وقطع الغيار، وتصدر جلودا وأثاث وخضروات وفاكهة وقطنا خاما وكيماويات وأسمدة نيتروجينية، والأخيرة من الأمور المهمة لدول بريكس خاصة البرازيل التي تمثل الأسمدة نصف وارداتها من مصر، أما الهند فاستوردت العام الماضي بنحو 312 مليون دولار أسمدة كيماوية ونشادر .لكن توجد عدة تحديات يجب حلها لتحقيق أكبر استفادة من دول بريكس على مستوى تصدير الحاصلات الزراعية أهمها وجود عجز ملموس في الموازين التجارية الكلية والزراعية بين مصر وتلك الدول. ان التحول لنظام المقايضة والاتفاقيات المباشرة مع الدول المصدرة ضرورة لتقليل الطلب على العملات الأجنبية، حيث يبلغ سوق اتفاقيات المقايضة حوالي 6 تريليون دولار بين مختلف دول العالم أن الحل يكمن بداية في محاولة تقليل الطلب على الدولار في السوق المحلية باتفاقيات المقايضة barter trade مع الدول المختلفة، واتفاقيات الدفع بالعملات المحلية لهذه الدول يمثل اهم خطوة لأنهاء سيطرة الدولار وبالتالي يتم إخراج تلك الواردات خارج منظومة الدفع بالدولار لأن الهدف الأساسي هو تقليل الطلب على الدولار نتيجة زيادة الاستهلاك والاستيراد وفيما يتعلق بفاتورة الواردات فأن الشق الخاص باستيراد مستلزمات الإنتاج لا يمكن المساس به، لارتباطه بالتصنيع المحلي والهدف القومي الذي وضعه رئيس الجمهورية بزيادة الصادرات إلى 100 مليار دولار، في حين تكمن المشكلة الحقيقية في السلع الغذائية وخاصة القمح والزيوت

ومن اهم مقومات النجاح للقطاع الزراعي وتحقيق مفهوم الامن الغذائي القومي في ظل المستجدت الدولية والانضمام لمنظمة البركس. فاننا نجد ان الدولة المصرية لديها قاعدة من الموارد والخبرات البشرية بالقطاع الزراعي والجامعات المصرية هما محور الارتكاز وعناصر القاعدة التي تبني رؤيا واضحه تساعد علي وضع وتبني مفهوم ملائم للتنمية الزراعية المستدامة ووضع خطه سريعة وعاجلة خلال الشهور القادمة وكذا علي المدي القصير والمتوسط هدف استراتيجي لتحقيق قدرا كبيرا من الاكتفاء الذاتي النسبي من بعض المحاصيل الاستراتيجية ومنها القمح وبصفة خاصة رغيف الخبز فالموسم الشتوي القادم على الأبواب ونحتاج الي زراعة ٤ مليون ونصف فدان من القمح بخطة واضحة وصريحة تمكن من النجاح وتحقيق المستهدف من القمح بتحديد اسعار تشجيعية وتوفير مستلزمات الإنتاج الأسمدة وتوفيرها في إطار الحصص المطلوبة للموسم ومساحات مناسبة لمحصول بنجر السكر لتحقيق القدر المناسب منه بما يحد من الاستيراد وبعد انشاء مصنع غرب المنيا والمساحات المستصلحة حوله وان التركيز علي التنافسية وعوائد انتاج هذه المحاصيل ربما تساعد المنتجين لاختيار المناسب منها واتخاذ القرار الامثل لزراعة محصول بعينه في ظل التنافسية العالية لمحاصيل اخري ووضع ضوابط تعاقدية تدعم وتنمي هذة المنظومة لزراعة اكبر مساحة من هذه المحاصيل الاستراتيجية وتوفير التقاوي المناسبة وبأسعار اقتصادية تلعب فيها وزارة الزراعة واجهزتها جهودا ضخمة لتوفيرها في ظل تنافسية القطاع الخاص وشركات انتاج التقاوي وربما يساعد هذا في تحقيق المستهدف وخاصة ونحن علي علي ابواب الموسم الشتوي مع ما تقوم به اجهزة القوات المسلحة من خلال الأراضي المستصلحة بالفعل التي تمت وجاري تجهيزها بنظم الري الحديثة بالمشروعات القومية وطبقا لتوجيهات فخامة السيد الرئيس بزراعة القمح بها . ونتفائل ان شاء الله ان ينتهي الموسم الشتوي القادم بالتخطيط الجيد والاعلان المبكر للاسعار والدعم الموجة لمزارعي القمح بمحصول من القمح يحقق نسبة انتاج معقولة تحقق المستهدف في ظل الصرعات الدولية التي قد تكون اكثر سخونة عن الاعوام السابقة تزداد معها ازمة الغذاء ونقص المعروض منه في السوق العالمي ومع عودة فيروس كورونا بصوره جديدية . وان يتم شراء جزء من الذرة الشامية باسعار تنافسية ويتم خلطها مع القمح بعودة بعودة خلط القمح والذرة بنسبة ١٥ الي ٢٠% مع الذرة المنتج الصيفي ةالذي يتوفر حاليا بالاسواق وحتي شهر اكتوبر ونوفمبر فنحن لن نخترع العجلة وهي مجربة وسبق ان قامت بها وزارة التموين فالامن الغذائي المصري لابد وان يكون اولوية اولي بعيدا عن اهواء شخصية او مصالح لجهات معنية او شركات ربما لا تستطيع في المستقبل القريب الحصول علي هذا المنتج من السوق العالمي. ولا نغفل ان القمح والذرة والنخالة هي جزء من منتجات هذه المحاصيل التي تدخل ضمن صناعة الاعلاف وتوفيرها في السوق المحلي وان نلتزم بزراعة الذرة الشامية البيضاء وتستكمل مساحة للذرة الصفراء لتغطية فجوة الاستيراد وتوفيرها بالسوق المحلي للإنتاج الحيواني وزيادة مساحة بنجر السكر لتغطية فجوة السكر وزيادة مساحة الأرز كمحصول صيفي لتوفير حاجة البلاد وتوفير مخزون استراتيجي والاهتمام بالمحاصيل الزيتية في خطة الملئ الاستيراتيجي للمساحات المستهدفة للمحاصيل الصيفية بعد تقلص مساحات القطن وذلك في اطار خطه عاجلة تساهم في التوازن المطلوب مرحليا لمحاصيل ذات الضغوط العالمية وفي اطار المساحات الجديدة المستصلحة …

واعتقد ان التركيب المحصولي المناسب ربما اصبح امر حيوي وضروري لأحداث توازن محلي وزيادة مستويات مناسبة من الاكتفاء الذاتي لمعظم المحاصيل والاهتمام بمشروع استنبات الشعير في الصوب بدليلا لتوفير الاعلاف الخضراء للإنتاج الحيواني … ولاشك أن الجهود العظيمه التي قام بها فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي في مجال الانتاج الزراعي والحيواني والسمكي كان له عظيم الاثر كجزء من تحقيق هذا المفهوم الاستراتيجي بعيد المدي وهو ما ظهر اثرة الان بالسوق المحلي المصري..

تري ماذا كان الموقف لو لم يكن هناك مشروع استصلاح وزراعة أكثر من 4 مليون فدان في توشكي والعوينات والوادي الجديد والدلتا الجديدة وسيناء والتي قد ينتهي استصلاحها وزراعتها بنهاية 2024 ومشروع المزارع السمكية وتنمية الثروة السمكية التي تنفذها القوات المسلحة المصرية من خلال رؤيا بعيده وثاقبه تم وضعها مبكرا .                                                                    لاشك ان سد الفجوة الغذائية هي مفهوم مرن يمكن من خلاله تحقيق قدر مناسب من الاكتفاء الذاتي للمحاصيل الغذائية و الانتاج الحيواني والسمكي لما يلبي حاجة المواطنين من هذه السلع الغذائية المتنوعة في ظل الموارد الارضية والمائية المتاحة وطبقا للأولويات و الاحتياجات الضرورية في اطار الخطة والاستراتيجية التي تحددها الدولة وبرامج التنمية المستدامة في ظل التغيرات المناخية و معدلات النمو السكاني . ولا ننسي ان التنمية الزراعية وتطوير الزراعة المصرية بل عد اهتمام القيادة السياسية بالملف الزراعي والبرنامج القومي لاستصلاح ما يقرب من أربعة ملاين فدان منذ من ٢٠١٤ وحتي ٢٠٢٤ والوصول بالمساحة المنزرعة الي ١٢ مليون فدان ومساحة محصوليه لأكثر من ١٩ مليون فدان حاليا تصل الي ٢١ مليون فدان بنهاية ٢٠٢٤ وانه اصبح مطلب قومي واستراتيجي لسد الفجوة الغذائية من المحاصيل الاستراتيجية التي قد تكون الداعم الرئيسي للصناعة المصرية في توفير احتياجاتها من المواد الخام اللازمة لها والتي تلبي حاجه السكان وتوفر جزء من الصادرات المصرية التي تساعد في نمو الدخل القومي وزياده حصيلة العملة الصعبة و توفير النقد الاجنبي اللازم لاستيراد هذه المحاصيل الاستراتيجية كالذرة الصفراء وفول الصويا وبذور دوار الشمس ومركزات الأعلاف التي وضح اهمية سد هذا الجاب الكبير منها من خلال الانتاج المحلي في ظل ارتفاع اسعارها ونقص الامدادات منها بعد الصعوبات التي تواجه العالم بعد الغاء اتفاقية الحبوب من الجانب الروسي في اطار الحرب الروسية الاوكرانية وغلق البحر الاسود امام السفن التجارية لنقل الحبوب من الموانئ الاوكرانية .من هنا يجب ان يتوافر للزراعة المصرية شقا هاما من الحماية والسياسات السعرية في اطار الزراعة التعاقدية واطار من الضرورات التشريعية بتعديل قانون الزراعة المصرية بإصدار قانون متكامل وليس تعديل مواد لا تثمن ولا تغني من جوع ودعم المكونات المؤسسية اللازمة لإحراز معدلات عالية من التنمية الزراعية وضخ استثمارات اضافيه لهذا القطاع لتنشيطه وتحسين الفرصة التنافسية به وتحسين إنتاجية العديد من المحاصيل الزراعية الاستراتيجية من خلال برنامج وطني في مدة زمنية محددة لمضاعفة هذه الانتاجية لبعض المحاصيل الرئيسية مثل القمح – الذرة – القطن – الارز فالطفرة التي حدث في هذا القطاع مع بداية الثمانينات والتسعينات لمعظم المحاصيل كانت مرتبطة بمدي الاهتمام بهذا القطاع فالقمح كان متوسط الانتاج 8 اردب للفدان والذرة 12 اردب للفدان وتضاعفت الانتاجية لمعظم المحاصيل ولكنها لم تواكب معدلات النمو العالية في السكان التي وصلت الي تضخم سرطاني يلتهم كل عوائد التنمية وتزداد الانتاجية للمحاصيل الاستراتيجية حاليا بمعدلات اقل سرعة من المفترض لها لنقص الامكانات والمخصصات البحثية لدعم برامج التربية بالشكل الكافي رغم تبني برنامج تربية واكثار لنباتات الخضر وغياب الرؤيا الاستراتيجية بعيدة المدي مما يشكل خطرا جسيما علي الوضع الحالي والمستقبلي للدولة مع زيادة السكان الحالية والتي بلغت ١٠٤ مليون نسمه واكثر من عشرة ملاين ضيف مقيم علي الاراضي المصرية مما يشكل طلبا زائدا علي الاحتياجات الغذائية وهذه المحاصيل الاستراتيجية .

فهل فعلا من أعدوا قانون الاصلاح الزراعي في حينه كانوا يدركون او يتوقعوا ما يحدث الان لهذه الأرض التي تم توزيعها علي المزارعين البسطاء ونحن لسنا ضد حق الارث والتوريث ولكن نحن ضد تفتت الملكية الزراعية التي تحتاج الي حماية لها وحماية للأرض من التبوير والزحف العمراني والبناء عليها دون سند وقانونية وتخطيط منظم….

فالكلام الي الاسرة الكبيرة من شعبنا العظيم وهم فلاحين ومزارعي مصر في أكثر من ٥٤٨٠ جمعية زراعية ) ٦٤١ جمعيه استصلاح و ٦٢١ جمعية إصلاح و٤٢١٨ جمعية ائتمان) واللذين يمتلكون معظم الأرض الزراعية القديمة في الوادي والدلتا في مساحة تصل 6.1ملاين فدان وبعد أن فقدنا منها ما يقرب من مليون فدان خلال الثلاثون عاما الاخيرة من أجود وا اخصب الاراضي الزراعية والتي اوضحت التقارير الرسمية فقد أكثر من ٤٠٠ الف فدان في العشر سنوات الماضية .

ومن هنا لابد ان ندرك جميعا واننا ليس لدينا الرفاهية لان نظل علي هذا الوضع في عدم الاستفادة من مواردنا المتاحة وانه قد ان الاوان ان نتحرك بخطة سريعة وواجبة من الجميع بمفهوم النظرة القومية الوطنية لاستدامة الزراعة ونجاح منظومة الامن الغذائي مع ظهور ازمة الغذاء العالمية ونقص سلاسل الإمداد للعمل على توفير احتياجات البلاد من الحبوب والزيوت والسكر وتوفير جزء لدعم ميزان المدفوعات من الصادرات الزراعية وان نتعاون و نلتزم جميعا بتعديل منظومة الري وتحديثها وبكل الامكانيات المتاحة لمواجهة التحديات التي تلزمنا جميعا ان نعمل سويا لمجابهة هذه الزيادة السكانية ونقص الموارد المائية والتعدي المفرط علي الارض الزراعية مصدر الغذاء والكساء لنتواكب مع المتغيرات الجديدة والمستحدثة وطبقا لمفهوم الندرة وحسن الاستخدام وكفاءة ادارة الموارد وهي الارض والمياه وتطبيق افضل الممارسات الزراعية علي مستوي الحقل مع تنفيذ مشروعات تحديث نظام الري من خلال نظم الري الحديثة في الاراضي الجديدة والمستصلحة والانتقال الي الاراضي القديمة التي يمكن ان يتحسن فيها منظومة توزيع المياه وخاصة مع الفاكهة والبساتين فهي رسالة انقلها الي كل اخواتنا المزارعين ان نحافظ علي ارضنا الزراعية وان نستفيد من تكنولوجيا الري بالرش والتنقيط ضمن منظور قومي في المقام الاول ونسترجع ذكريات دخول الميكنة الزراعية وتحديث عمليات الخدمة والتجهيز والزراعة الالية وما كان يقوم به الاجداد كعمل يدوي ومدي الجهد والمشقة والتعب وضعف الانتاج مقارنة بما قامت به الدولة ووزارة الزراعة واستصلاح الاراضي من تحديث في وادخال التكنولوجيات الجديدة في الزراعة بداية من الخدمة الي الحصاد مع توفير الاصناف العالية الانتاجية.

والي مزارعي مصر والفلاحين وخاصة مزارعي الإصلاح الزراعي الذي تقلصت مساحته الزراعية من 980 الف فدان الي 680 الف فدان في ١٩ مديرية تابعة للهيئة العامة للإصلاح الزراعي فأقول لهم اليوم ان الآباء قد ورثوا لكم هذا الميراث الغالي من أرض مصر الطيبة فحافظوا عليها ولا تهملوها فانتم لا تعلموا كيف حصلتم علي هذه الأرض وهي تاريخ طويل من العمل والعطاء والكفاح لمصر الحبيبة …. فكل عام وانتم بألف خير وسلام و ندعوا الله ان يحفظ مصر واهلها ورجالها المخلصين القوات المسلحة والشرطة وجنود الجيش الأخضر لتحقيق أهداف التنمية الزراعية وامل مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الحقلية والخضر والفاكهة واستمرار تعظيم الانتاج في ربوع مصر لتظل مصر في عزة وكرامة وازدهار تحت قيادة وطنية مخلصه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي قائد مسيرة البناء على أرض مصر

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى