حوارات و مقالات

ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر في المواد الغذائية ومنتجات الألبان

عن كاتب المقال

عن كاتب المقال

د. ناهد الوحش قسم بحوث الألبان معهد تكنولوجيا الأغذية

ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر إلى أدنى مستوياته في المواد الغذائية وخاصة منتجات الألبان، ففي ظل الظروف الاقتصادية الحالية ومع الزيادة السكانية العالمية و محدودية الموارد يواجه العالم خطر نقص الأمن الغذائي والعديد من التحديات البيئية مما يتحتم علينا ضرورة تبنى ممارسات مستدامة لترشيد الاستهلاك.

ومن خلال ترشيد الاستهلاك يمكننا استخدام الموارد المتاحة بشكل أفضل وتقليل الضغط البيئي وتقليل التأثيرات السلبية للإفراط في الاستهلاك على النظم البيئية.

تقليل الهدر في منتجات الألبان

يوضح هذا المقال أهمية تقليل الهدر ويقدم رؤى حول آثار هدر الغذاء واستراتيجيات عملية  لتعزيز العادات المستدامة في الاستهلاك.

تقليل الفاقد خاصة في المنتجات الغذائية ومنتجات الألبان أمر حيوي لمواجهة عدم الأمان الغذائي والجوع.

ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO) يتم فقدان أو هدر حوالي ثلث الغذاء الذي ينتج للاستهلاك البشري على مستوى العالم كل عام.

يمثل هذا الأمر خسائر اقتصادية هائلة لا يجب تجاهلها ويمثل أيضًا ضرورة أخلاقية لضمان الوصول العادل للغذاء لجميع الأفراد.

علاوة على ذلك يساهم إنتاج وتصريف المواد الغذائية ومنتجات الألبان المهدرة في انبعاثات الغازات وتفاقم مشكلة التغير المناخي.

من خلال تقليل الفاقد يمكننا التخفيف من هذه التأثيرات البيئية والعمل نحو نظم غذائية أكثر استدامة.

وبالإضافة إلى ذلك من الناحية الاقتصادية يترجم تقليل الفاقد إلى توفير التكاليف للمستهلكين والشركات على حد سواء.

من خلال تحسين عمليات الإنتاج وتنفيذ ممارسات إدارة سلاسل الإمداد الفعالة وتقليل فاقد الغذاء يمكن للشركات تحسين ربحيتها وتعزيز كفاءة الاقتصاد العام.

وكذلك يمكن أن تؤدي تعزيز ثقافة الاستهلاك الواعي وتقليل الفاقد إلى نتائج اجتماعية إيجابية بما في ذلك زيادة الوعي بالقضايا البيئية وتحسين النتائج الصحية من خلال اتخاذ خيارات غذائية أفضل.

آثار هدر المواد الغذائية ومنتجات الألبان

يترتب على هدر المواد الغذائية ومنتجات الألبان آثار بيئية واقتصادية واجتماعية كبيرة. فعندما يهدر الطعام يتم هدر جميع الموارد التي تم استخدامها في إنتاجه مثل الماء والطاقة والأراضي.

علاوة على ذلك ينتج عن هدر الطعام وتحلله إنبعاثات غازات الاحتباس الحراري مما يساهم سلبا في التغير المناخي.

اقتصاديًا يمثل هدر الطعام فقدانا للموارد القيمة في حين أنه اجتماعياً يزيد من عدم الأمن الغذائي والتفاوت في التوزيع.

استراتيجيات ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر:

  1. تخطيط الوجبات:

    التخطيط المسبق للوجبات هو استراتيجية رئيسية لتحسين الاستهلاك وتقليل الهدر من خلال إنشاء خطة للوجبات الأسبوعية حيث يمكنك التأكد من شراء المكونات اللازمة فقط واستخدامها بكفاءة. ضمن استخدام البقايا من وجبة في وجبة أخرى واستخدم المكونات المشتركة في أكثر من طبق.

  2. التخزين السليم:

    يعد التخزين المناسب للمواد الغذائية ومنتجات الألبان أمرًا حاسمًا لاطالة فترة صلاحيتها. كذلك معرفة الظروف المثلى لتخزين العناصر المختلفة مثل التبريد أو التجميد أو استخدام حاويات محكمة الإغلاق يمكن أن يساعد في منع التلف والحفاظ على المواد الغذائية.

  3. التحكم في الحصص:

    التحكم في الحصص يمكن أن يساعد في تقليل هدر الطعام. ويمكن البدء بتقديم حصص أصغر والسماح لأفراد الاسرة بأخذ حصص إضافية إذا رغبوا في ذلك. ويمكن تخزين الحصص المتبقية للوجبات المستقبلية أو إعادة استخدامها بشكل إبداعي.

  4. استخدام الجزء الكامل من المادة الغذائية

    استغلال الجزء القابل للأكل بالكامل من المواد الغذائية يساعد في تقليل الهدر. على سبيل المثال، يمكن استخدام قشور الخضروات لإعداد مرقة صحية ذات نكهة رائعة ويمكن استخدام بذور الخضروات في الصلصات.

  5. تقنيات الحفظ

    استكشاف مختلف تقنيات الحفظ لزيادة فترة صلاحية المواد الغذائية ومنتجات الألبان .كذلك التجميد والتعليب والتخليل والتجفيف هي طرق فعالة لمنع التلف والحفاظ على قيمة المنتجات الغذائية.

  6. التسميد العضوي

    استخدم بقايا الطعام أو الأجزاء الغير صالحة للاستهلاك من المواد الغذائية للتسميد العضوي .حيث يساهم التسميد العضوي ليس فقط في تقليل الهدر ولكنه أيضًا ينتج تربة غنية بالعناصر الغذائية يمكن استخدامها في الحدائق أو الزراعة المنزلية. ويقلل من الحاجة إلى الأسمدة الاصطناعية.

  7. التوعية والتعليم

    تعزيز الوعي وتثقيف الأفراد حول آثار هدر الطعام من خلال التركيز على أهمية العادات المستدامة في الاستهلاك مثل شراء ما هو مطلوب فقط ودعم المنتجات المحلية والموسمية والتبرع بالطعام الزائد لبنوك الطعام أو الجمعيات الخيرية.

ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر في المواد الغذائية ومنتجات الألبان هي خطوات حاسمة نحو بناء مستقبل مستدام. من خلال تنفيذ استراتيجيات مثل تخطيط الوجبات والتخزين السليم والتحكم في الحصص وتقنيات الحفظ ويمكننا تقليل هدر الطعام بشكل كبير والحد من الآثار البيئية والاجتماعية المرتبطة به.

إن ترشيد الاستهلاك وتقليل النفايات وإعداد وجبات اقتصادية كلها خطوات مهمة نحو الاستدامة والإدارة المسؤولة للموارد. وفيما يلي بعض النصائح التي تساعدك على تحقيق هذه الأهداف، خاصة فيما يتعلق بالأغذية ومنتجات الألبان:

خطط لوجباتك: قبل الذهاب للتسوق، قم بتخطيط وجباتك للأسبوع. سيساعدك هذا على شراء ما تحتاجه فقط ويقلل من فرص إهدار الطعام.

قم بإعداد قائمة تسوق: قم بإنشاء قائمة تسوق مدروسة جيدا بناء على طبيعة وجباتك. التزم بالقائمة أثناء التسوق لتجنب عمليات الشراء المندفعة وتقليل هدر الطعام.

الشراء بكميات كبيرة: فكر في شراء العناصر غير القابلة للتلف مثل الحبوب والبقوليات والتوابل بكميات كبيرة. يمكن أن يكون هذا في كثير من الأحيان أكثر فعالية من حيث التكلفة ويقلل من نفايات التعبئة والتغليف.

اختر المنتجات الموسمية والمحلية: اختر الفواكه والخضروات الموسمية لأنها تميل إلى أن تكون طازجة وألذ طعما وبأسعار معقولة. بالإضافة إلى ذلك  فإن الشراء المحلي يقلل من البصمة الكربونية المرتبطة بالنقل.

 الحفظ والتجميد: إذا كان لديك فواكه أو خضروات أو منتجات ألبان زائدة تقترب من تاريخ انتهاء صلاحيتها، ففكر في حفظها أو تجميدها لاستخدامها لاحقًا. حيث يمكن أن تساعد تقنيات مثل التعليب أو التخليل أو صنع الصلصات في إطالة مدة صلاحيتها.

الطهي على دفعات: قم بإعداد كميات أكبر من الوجبات وقم بتجميد بقايا الطعام في أجزاء فردية. بهذه الطريقة، سيكون لديك “وجبات جاهزة” متاحة بسهولة مما يقلل من إغراء شراء الوجبات الجاهزة .

 استخدم بقايا الطعام بطريقة إبداعية: كن مبدعا في استخدام بقايا الطعام لتجنب هدر الطعام. على سبيل المثال يمكنك تحويل بقايا الدجاج المشوي إلى سلطة أو استخدام بقايا الخضار لإعداد مرق لذيذ.

قلل من هدر الطعام: مارس الأكل الواعي من خلال تقديم أجزاء أصغر وزيادتها إذا لزم الأمر. وقم بتخزين بقايا الطعام بشكل صحيح للحفاظ على جودتها ومنع تلفها.

اختر البدائل النباتية: فكر في دمج المزيد من الوجبات النباتية في نظامك الغذائي. فغالبا ما تكون الأطعمة النباتية أكثر اقتصادا ولها تأثير بيئي أقل مقارنة بالمنتجات الحيوانية.

تذكر أن كل خطوة صغيرة لها أهمية عندما يتعلق الأمر بتقليل النفايات وإعداد وجبات اقتصادية. ابدأ ببعض التغييرات الممكنة بالنسبة لك وقم تدريجيا بدمج ممارسات أكثر استدامة في نمط حياتك.

فيما يلي بعض النصائح الإضافية حول كيفية الحفاظ على منتجات الألبان:

التحقق من تواريخ انتهاء الصلاحية: تحقق دائمًا من تواريخ انتهاء الصلاحية على منتجات الألبان قبل شرائها. واختر المنتجات ذات العمر الافتراضي الأطول إذا كنت لن تستهلكها على الفور.

 تخزين منتجات الألبان بشكل صحيح: منتجات الألبان بشكل عام من أكثر الأغذية القابلة للتلف ويجب تخزينها في درجة الحرارة المناسبة للحفاظ على سلامتها.

الحليب: احتفظ بالحليب مبردًا عند درجة حرارة حوالي (4 درجات مئوية). قم بتخزينه في القسم الرئيسي للثلاجة وليس على الباب حيث تتقلب درجات الحرارة أكثر.

الجبن: يجب تخزين معظم أنواع الجبن في الثلاجة، وتغليفها بإحكام بورق الشمع أو غلاف بلاستيكي لمنعها من الجفاف. ويمكن تخزين الأجبان الصلبة مثل الشيدر أو الرومي لفترات أطول بينما الأجبان الطرية لها فترة صلاحية أقصر.

الزبادي: يجب أيضًا تبريد الزبادي. و الاحتفاظ به في عبوته الأصلية والتأكد من إغلاق الغطاء بإحكام بعد كل استخدام.

تجميد منتجات الألبان: يمكن تجميد بعض منتجات الألبان بنجاح لإطالة مدة صلاحيتها. ومع ذلك، لا تتجمد جميع منتجات الألبان لذا من المهم معرفة أي منها مناسب للتجميد:

الحليب: من الممكن تجميد الحليب، لكنه قد يؤثر على قوامه وطعمه. قبل التجميد اسكبي كمية صغيرة من الوعاء للسماح بالتمدد. قم بتذويب الحليب المجمد في الثلاجة ورجه جيدًا قبل الاستخدام.

إعداد توابل تحتوي على منتجات الألبان: إذا وجد فائض من منتجات الألبان يقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها يمكن خلطها مع توابل. على سبيل المثال:

القشدة الحامضة أو الزبادي: اصنعي تتبيلة السلطة الكريمية أوخلط القشدة الحامضة أو الزبادي مع الأعشاب والتوابل والقليل من عصير الليمون.

الجبن: قم بإعداد الجبن أو الصلصة عن طريق إذابة الجبن مع القليل من الحليب أو الكريمة وإضافة ما تفضله من التوابل .

استخدم منتجات الألبان في الخبز: إذا كان لديك منتجات ألبان على وشك انتهاء الصلاحية يمكن استخدامها في وصفات الخبز. وغالبا ما يمكن استبدال الحليب واللبن والقشدة الحامضة واللبن ببعضها البعض في الوصفات مما يسمح لك باستخدامها قبل أن تفسد.

هناك العديد من التكنولوجيات التي تستخدم لتقليل هدر المواد الغذائية.

إليك بعض الأمثلة الشائعة:

  1. التعليب الذكي:

    يستخدم التعليب الذكي تقنيات مثل الحساسات والمؤشرات لتتبع حالة المنتجات الغذائية والإبلاغ عن تدهورها. ويمكن أن تتضمن بعض التطبيقات الذكية تقنيات تحليل الصور أو الروبوتات لفحص جودة المنتجات وكشف التلف بطريقة دقيقة. بفضل هذه التقنيات يمكن تحديد أي منتجات غذائية تحتاج إلى استبدال أو إعادة تجهيز مما يقلل من هدر الطعام.

  2. التبريد والتجميد المتقدم:

    تستخدم تقنيات التبريد والتجميد المتقدمة للحفاظ على جودة المنتجات الغذائية وتمديد فترة صلاحيتها. يتم استخدام تقنيات مثل التبريد السريع والتجميد السريع لتجميد المنتجات بسرعة مما يقلل من فقدان الجودة والقيمة الغذائية. كما تستخدم تقنيات التبريد المتقدمة مثل التعبئة بالغازات المعدلة وتقنيات التحكم في الرطوبة للحفاظ على جودة المنتجات الطازجة لفترة أطول.

  3. التقنيات الحيوية:

    تتضمن هذه التقنيات استخدام الميكروبات المفيدة والإنزيمات للمساعدة في تقليل هدر المواد الغذائية. على سبيل المثال، يمكن استخدام البكتيريا المفيدة لتقليل تدهور الفاكهة والخضروات والإنزيمات الطبيعية لتحسين جودة المنتجات الغذائية وتأخير تدهورها.

  4. التقنيات الحسابية والذكاء الاصطناعي:

    يمكن استخدام التقنيات الحسابية والذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة سلاسل التوريد الغذائية وتقليل هدر المواد الغذائية .و يمكن تحليل البيانات المتاحة حول الطلب والإنتاج والتوزيع لتوجيه عمليات الإنتاج وتوزيع المنتجات بكفاءة أكبر. و يمكن أيضًا استخدام تقنيات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتحديد الطلب وتحسين إدارة المخزون وتجنب تخزين المنتجات بشكل زائد.

هذه بعض الأمثلة على التكنولوجيا الحديثة المستخدمة لتقليل هدر المواد الغذائية. وهناك المزيد من التكنولوجيات المتقدمة المستخدمة في هذا المجال والتي تتطور باستمرار لتعزيز استدامة النظام الغذائي وتقليل هدر المواد الغذائية.

وباختصار يعد ترشيد الاستهلاك وتقليل الفاقد وخاصة في مجال المنتجات الغذائية ومنتجات الألبان أمرا حيويا لتحقيق الاستدامة البيئية ومواجهة عدم الأمان الغذائي والتحديات البيئية  وتخفيف آثار التغير المناخي وتعزيز الكفاءة الاقتصادية في الظروف الاقتصادية الحالية.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى