د ماجد رضا يكتب : فيروس مرض جدري الجمال (Camel Pox virus).. خسائر إقتصادية ..طريقة العلاج ..واستراتيجية التحكم و الوقاية         

جدري الجمال من الأمراض المعروفة منذ أقدم العصور ويطلق عليه من قبل المربين مرض القرحة و هو مرض فيروسى شديد الضراوة و سريع الانتقال ساري و يعد من أكثر الأمراض الفيروسية انتشاراً بين الإبل في جميع أنحاء العالم و مستوطن في جميع أنحاء الشرق الأوسط مسبباً خسائرا إقتصادية.

ويتسم بظهور طفح حويصلي على الشفاه والذقن و أماكن متفرقه من جسم الحيوان, ويصيب الفيروس في الغالب الإبل التي بعمر 2 إلى 3 سنوات وكذلك يصيب الإبل خلال فترة الفطام ، ويعتبر من أخطر الفيروسات على الإبل إذا لم يعالج  ، ويسبب الموت المباشر للحيوانات الصغيرة أكثر من الحيوانات الكبيرة من الإبل,و يسبب الفيروس خسائر اقتصادية كبيرة ، وهو من الفيروسات المشتركة بين الإبل والإنسان ، إذ أن الإنسان يمكن أن يصاب عند ملامسته الإبل المصابة .

العامل المسبب لفيروس مرض جدري الجمال

فيروس جدري الجمال ( Camel-pox-virus)أو  فيروس Orthopoxvirus cameli (اورثوبوكس الجملية) وله علاقة مصلية وتركيبية بفيروسات أورث الجدري ( ( ortho-pox-virus فيروس جدري( الأبقار, الإنسان, الخيول, الأرانب, والقرود ),بينما يظهر مختلفا عن فيروس جدري الأغنام والماعز ومن الصفات المهمة لفيروسات الجدري مقاومتها لدرجات الحرارة والجفاف مدة طويلة جداً،وبذلك فإن الإصابة يمكن أن تحدث بصورة مباشرة وبصورة غير مباشرة, وقال الباحث جيفرى سميث من الكلية الامبراطورية فى لندن والذى قام بجدولة الرموز الوراثية لفيروس جدري الجمل عندما اخذ عينة من جمال مصابة بالفيروس فى العام 1970 الذي أظهرالتقارب الكبير بين فيروس الجدري البشري، وجدري الإبل.

يأخذ فيروس جدري الإبل شكل الطابوقه وتتفاوت أبعاد الفيروس من 260-280 نانوميتر طولا و 200-210 نانوميتر عرضا,ويمكن تنمية الفيروس على جميع المزارع الخلوية المختلفة, كما وله القابلية على إظهار تأثيرات مرضية مختلفة في سايتوبلازم الخلية,ويتأثر الفيروس بسرعة بالحرارة وأشعة الشمس المباشرة, الأحماض والقلويات الضعيفة والكحول والأيودين وبرمنغنات البوتاسيوم.

وبائية فيروس مرض جدري الجمال والتوزيع الجفرافي

يعد فيروس جدري الإبل من أكثر الفيروسات انتشاراُ بين قطعان الإبل خصوصا في الشرق الأوسط الهند, باكستان, فغانستان, إيران, جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا و شرق أفريقيا وينتشر مرض جدري الإبل بشكل كبير في الدول النامية في البلدان الآسيوية والأفريقية مع وجود تجمعات إبل أصلية ، وتحديداً الجمل العربي(dromedary camel) ولكن ليس الإبل البكتيرية (Camelus bactrianus)

طريقة انتقال فيروس جدري الإبل

تزداد نسبة انتشار الفيروس خلال الفصول الرطبة من السنة, وتنتقل العدوى بطريقة مباشرة عن طريق التلامس المباشر بين الحيوان المصاب والحيوان السليم أو بصورة غير مباشرة عن طريق الاكل( المعالف) والمياة (المساقى )الملوثتان بالفيروس وكذلك أدوات النظافه ويمكن للفيروس المسبب للمرض أن ينتَقل من خلال الحليب أو اللعاب أو الإفرازات الأنفية أو إفرازات العيون,غالبا ما يدخل الفيروس عن طريق الجروح أو الخدوش الحاصلة في جلد الحيوان.

يعتبر العمر, حالة التغذية, المناعة, الإدارة, الإجهاد وتداخل أمراض أخرى من أهم العوامل المساعدة للإصابة, كذلك لدغات بعض الحشرات مثل البعوض والقراد tickes تلعب دور فى انتقال العدوى خاصة ان المرض قد ينتشر بعد سقوط امطار و تكاثر البعوض على بعض تجمعات المياه الصغيرة وسط تجمعات الابل و تزيد فرص العدوى فى فصلى الخريف والربيع و مع اقتراب موسم الشتاء و لكن هذا لا يمنع من احتمالية انتشار العدوى فى باقى الشهور .

التأثير الاقتصادى و المجتمعي لفيروس مرض جدرى الجمال

فيروس مرض جدرى الجمال يتسبب فى فى خسائر اقتصادية لملاك الابل خاصة ابل السباقات وتشمل الخسائر المرتبطة بجدري الإبل إنقاص الوزن وتقليل إنتاج الحليب والوفيات .,وتنتشر الاصابة بالفيروس أكثر فى الاعمار الصغيرة و ذلك لان الاعمار الكبيرة غالبا ما قد تكون تعرضت للاصابة فى الصغر و بالتالى تكتسب مناعة ضد المرض, ويسبب فيروس المرض خسائر اقتصادية كبيرة والتي تتمثل بارتفاع نسبة الإصابة لتصل أحيانا إلى 100% , ارتفاع نسبة الوفيات خصوصا بين صغار الإبل حيث تتراوح ما بين 10-50% بينما تصل الي (5-25%) فى الاعمار الكبيرة .

من الوارد أن ينتقل فيروس جدري الجمال الي الانسان ويظهر فى صورة حويصلات وبثور تتحول في النهاية إلى قشور ، وتصيب غالباً الأيدي والأصابع نتيجة لمس الحيوانات المصابة ، وقد يصيب الفم والشفتين نتيجة تناول الحليب الملوث بالجرثومة .وقد سجلت بعض الاصابات الجلدية لبشر ملاصقين للابل المصابة بالجدرى مثل رعاة الابل والاطباء البيطريين وأفادت تقارير عن أصاب أشخاص  في شمال كينيا نتيجة شربهم حليبا من حيوانات مصابة فظهرت لديهم تقرحات على الشفتين وفي الفم. وهى حالات نادرة لان فيروس الجدرى متخصص و انتقالة الى الانسان او حتى الى حيوانات اخرى مثل الأغنام والماعز أو الأبقار امر نادر الحدوث.

تشخيص فيروس مرض جدري الجمال

1- التشخيص الحقلي  :

من السهل تشخيص المرض حقلياً ، وذلك بالاعتماد على الأعراض الإكلينيكية  حيث تظهر الإصابة غالباً في الإبل الصغيرة وبعمر 2 إلى 3 سنوات خصوصا بين صغار الإبل وتتراوح مدة حضانة المرض من 10 إلى 15 يوماً,و يتصف المرض في صغار الإبل بأنه من النوع الخبيث ( Malignant type )ويلاحظ على  الحيوان المصاب ارتفاع شديد في درجة الحرارة 40-41 م, فقدان تام للشهية, خمول وضعف عام, تدميع العينين,يعقب ذلك ظهور آفات الجدري على الجلد و الوجه و الأغشية المخاطية للعين والشفتين ، ثم تبدأ آفة الجدري بالظهور بشكل منطقة حمامي ( Erythma ) غير مرتفعة وبؤرية وصغيرة الحجم,ويسبب تكاثر الخلايا القرنية والخزب تحت البشرة في تكوين الحطاطة ( Papule ) التي تمثل ارتفاع الآفة فوق مستوى الجلد الطبيعي,ويزداد باضطراد عدد الخلايا القرنية البشرية ، وتشاهد أجسام اشتمالية هيولية ويحصل تنكس مائي(hydropic degenration ) وحل  ( lysis ) ثم يتجمع سائل مصلي في حيزات كبيبية رقيقة تعرف باسم الحويصلة التي يزداد حجمها ، وقد تظهر بشكل بثور ، وقد تنفجر هذه البثور تاركة تقرحات محددة ثم تلتئم تاركة ندبة أو قشور ذات لون اسود ولها حافات مرتفعة ومركز منخفض تشبه في شكلها السرة,. وفي حالة الإصابات الشديدة تظهر على جميع أنحاء الجسم مع تورم فى الرأس و امتداد الاصابة للعين والأطراف و تضخم في الغدد الليمفاوية الموضعية للحيوان, يعقب ذلك غالبا حدوث مضاعفات ثانوية ثم هلاك الحيوان كما هو موضح بالصور .

أما اصابات الاغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسى و الهضمى تسبب اعراض تنفسية من كحة واسهال احيانا و افرازات مخاطية انفية، وتتركز الاصابات داخل الغشاء المخاطى للفم و تكون على صورة قرح تسبب افرازات لعابية كثيرة و تعوق الإبل عن الاكل مما يسبب نقص الوزن وحدوث خسائر اقتصاديه  و قد يحدث بصورة أكثر خطورة حيث تمتد الإصابة الى داخل الفم محدثة تقرحات كبيرة .وبالنسبة لابل السباقات فيحرمها هذا المرض طوال فترة الاصابة من المشاركة فى المنافسات و حتى بعد اكتمال الشفاء قد تحتاج هجن السباقات الى شهرين الى ثلاثة شهور .

أما في الأعمار المتقدمة فيلاحظ أصابتها بالنوع الحميم( Benign type) حيث تكون الإصابة موضعية وتتركز في  منطقة محدده مثل الأطراف أو الرأس وقد ترافق بعض الحالات ارتفاع طفيف في درجة  الحرارة. تتراوح مدة المرض من 2-4 أسابيع ثم يعقبها الشفاء ,قد تصاب الابل بالاجهاض او تلد صغارا ضعيفه قد تموت فى سن مبكر.

2- التشخيص المعملي:

إن فيروس مرض جدري الإبل من  السهل تشخيصه حقليا وذلك اعتمادا على الأعراض الاكلينيكية الحقلية, أما في حالة الشك فيمكن إثبات المرض معمليا عن طريق فحص قطاعات من الأنسجة المأخوذة من الحطاطات أو القشور وفحصها بواسطة المجهر الإلكتروني حيث يلاحظ وجود المشتملات Inclusion bodies) ) داخل الخلايا  المصابة, كما يمكن أيضا عزل الفيروس من الحطاطات أو القشور بواسطة الحقن في الغشاء السقائي المشيماتي ( chorioallantoic membrane ) لأجنة بيض الدجاج المخصب ,كما يمكن تشخيص الاصابة بالفيروس من خلال عزل الفيروس علي خلايا الزرع النسيجي ، أو بواسطة التقطيع النسيجي المرضي ، أو الفحص السيرولوجي وبالأخص الفحص بطريقة التآلق المناعي (immunofluorescence) وفي حالات الكشف عن الأجسام المناعية المضادة الموجودة في المصل, تستعمل الاختبارات المصلية المختلفة مثل اختبار الآلية, تثبيت المتمم, معادلة الفيروس, تثبيت التلازن الدموي والانتشار في هلامية الأجار.

طرق علاج المرض والسيطرة علي فيروس جدري الجمال

1-عزل الابل المصابة فى أماكن بعيدة و لا يتم الاختلاط مع الابل السليمه حتى بعد الشفاء التام الا بعد مرور فترة كافية شهرين على الاقل ونظراً لاحتمال انتقال المرض إلى الإنسان  فينصح وضع كفوف مطاطية للوقاية من الإصابة.

2- لا يوجد هناك علاج خاص لمرض جدري الإبل ولكن في حالات الإصابات الشديدة أو المزمنة وبشكل خاص عندما يظهر على الإبل علامات الالتهاب الرئوي أو عندما تظهر التقرحات الجلدية يمكن اجراء المعالجة العرضية لمنع حدوث مضاعفات ثانوية للتقليل من شدة المرض باستخدام  بعض البخاخات المحتوية علي مضادات حيوية (جنتيانا أوكسي), كما ينصح بغسل المنطقة المصابة بمحلول برمنغنات البوتاسيوم تركيز 1 :1000 أو محلول اليود المخفف يعقب ذلك استخدام مرهم السلفاثيازول 10% وذلك لمنع تعقد الأصابة بالمهاجمات الجرثومية.

يفضل حقن الحيوان بخافضات الحرارة, ومضادات الهستامين مع استخدام المضادات الحيوية  طويلة المفعول مثل خليط من البنسلين+الستربتومايسين لمدة 5 أيام حيث اثبت فعاليته العملية في سرعة شفاء الحيوان أو المضاد الحيوي اوكسي تتراسيكلين Oxytetracycline بتركيز 2%،  كما يجب استخدام الفازلين على مناطق التقرحات وخاصة حول الفم لمنع حدوث التشققات الجلدية

استخدام روافع مناعه مثل الفيتامينات ( فيتامين أ وفيتامين سى و اد٣هـ ) والسيلينيوم وايضا العلاج التدعيمي ((Supportive treatment باستخدام المحاليل الوريدية مثل الاملاح الفسيولوجية المتعادلة (Normal Saline) و المغذيات الوريدية مثل الدكستروز 5% و للتغلب على الامتناع عن الاكل أحيانا مع استخدام فيتامينات ب1 و ب مركب B complex, وأحيانا قد تشفى بعض الابل دون اى تدخل وتأخذ مناعه ضد المرض مدى الحياة ولا تصاب مرة أخرى.

الوقاية من فيروس مرض جدرى الجمال

تتوفر اللقاحات في بعض البلدان للحد من الإصابة وخلال السنوات الأخيرة تم تحضير لقاح حي مضعف يعطى لجميع الإبل بعمر ثلاثة شهور وأكثر ويعطي مناعة لمدة 1-3 سنوات لذا يفضل في المناطق الموبوءة إعطاء اللقاح سنوياً ، كما يجب فحص الحيوانات المحصنة للتأكد من سلامة اللقاح بعد 7-10 أيام من إجراء التطعيم لملاحظة وجود بثور في منطقة الجسم التي أعطي فيها اللقاح .

في جمهورية مصر العربية يلعب معهد بحوث الامصال واللقاحات البيطرية بالعباسية دورا هام فى إنتاج اللقاحات والامصال لحماية الثروة الحيوانية ومن أمثلة هذة اللقاحات لقاح جدرى الجمال النسيجى المستضعف المجفف و يكون بالتحصين الدورى حيث يتم اذابة محتويات الزجاجة جيدا في 10 مللى من محلول الملح الفسيولوجى ويتم التحصين خلال ساعتين فقط بعد إذابة القرص المجفد, ويطبق التحصين علي جرعتين :الجرعة الاولى عند عمر 3:4 شهور ويعاد التحصين باللقاح كل تسعة أشهر والزجاجة تحتوى على 10جرعات ويتم الحفظ عند درجة -20 درجة مئوية,ويراعى حفظ اللقاح بعيدًا عن أشعة الشمس وعلى ثلج أثناء التحصين.

عن كاتب المقال