حوارات و مقالات

محمد بلال يكتب: “شبح” يطارد “الشيخ زويد “

باحث – مركز بحوث الصحراء
حالة دائمة من الترقب .. القلق من الدقيقة القادمة هو المسيطر الفعلي علي الأمور .. الإحساس بالخوف والضياع أصبح شبحاً يلازم أهالي مدينتي الشيخ زويد ورفح ..
ربما لن يصدقني البعض بعد تلك الجُمل الكاشفه أن سكان المدينتين -الشيخ زويد ورفح- الآن يعيشون مرحلة مابعد الحرب .. لكنها في الحقيقة مرحلة قاسية للغاية بسبب حالة الجمود والتصلب في تنمية تلك المناطق وإعادة الروح إليها فالمريض الذي يفيق من عملية جراحية خطيرة يتوجب علي الأطباء فوراً إعادته لحياته الطبيعية ووضعه تحت الرعاية العاجلة وإمداده بالغذاء والدواء والهواء والإعداد البدني والنفسي للشفاء التام من مرضه .
لكن مايحدث الآن من إنقطاع للكهرباء لفترات تزيد أحياناً كثيرة عن أسبوعين متصلين و منع دخول المحروقات كالبنزين والسولار والزيوت والشحوم ومواد البناء والأدوية والمرور غير السلس عبر الإرتكازات الأمنية علي طول الطريق الدولي العريش-رفح فضلاً عن إغلاق الطريق نفسه لمسافات كبيره وإجبار السائقين علي إتخاذ دروب ومسالك فرعية وعدم الإلتفات لرعاية المُهجرين من مناطق الحرب أو دعم الباقين الصامدين وأيضاً قطع خدمات الإتصالات المحمولة ووضع قيود علي مرور البضائع والمواد الغذائية وكذلك الشتلات و الأسمدة والمبيدات الحشرية وكل مستلزمات الزراعه .
أيضاً التعتيم الغير مسبوق إعلامياً يضيف مزيداً من الألم والقسوة علي رؤوس السكان هناك .. كل هذا وأكثر يجعل الحياة في هذه المدن صعبه وقاسية بمعني الكلمه .. الناس هناك مهددون في حياتهم وفي أعمالهم واستقرارهم وأبنائهم كل لحظة .. كل مواطن هناك له تجربه أو أكثر كان الموت أقرب له من أي شىء آخر .. كل منهم له صديق أو قريب أصابته سهام الحرب فكان إما قتيلاً أو جريحاً أو سجيناً أو مشرداً ضائعاً لاجئاً داخل وطنه .. أو صامداً لايدري مصيره غداً أو بعد غد ..
وأخيراً وبرغم كل ذلك تسير الحياه ولا تتوقف .. المصالح الحكومية تعمل بشكل شبه طبيعي .. أبطال شركة الكهرباء هم رمز البطولة الحقيقية في هذه المناطق .. مجلس المدينه و مرفق المياه والإدارات التعليمية والمدارس والتأمينات والبريد والتموين ومحطة بحوث الصحراء والإدارات الزراعية والمستشفيات والوحدات الصحية والعيادات وغيرها من المصالح الحكومية تعمل بقدر المستطاع ولكن بمنتهي الصعوبة .. ألا يستحق السكان هناك من يحنو عليهم أو يرفق بهم .. ألا يستحقون من يحمل همومهم ويُسرع بهم إلي العناية الفائقه فمشروع واحد كفيل بأن يضخ دماء الأمل في عروقهم .. تحرك خطوة للأمام سوف يدفع بالناس هناك للأمل دفعاً .. الناس هناك يشتاقون للأمل ..
“الأمل في غد أفضل من اليوم وأروع من الأمس”.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى