اخبار لايتالأخبارمتفرقاتمصر

محمد سعد يكتب: المنوفية التي لا يعرفها أحد ” الحلقة 1″

شارع الهرم ؟1 ماذا جال بخاطرك عزيزي القارئ عندما قرأت هذه العبارة ؟ .. بالطبع كباريهات وملاهي شارع الهرم !.لم يخطر على قلبك مساجده . لم يخطر على قلبك شركاته ومصانعه .

لم يخطر على قلبك الناس الطيبون في هذا الشارع وما أكثرهم .. هذا ما يسمى في علم النفس بالهالة التي وقعت محافظة المنوفية ظلما تحت تأثيرها منذ سنوات طويلة .

إن سن المنوفي حسنة مرت مرور الكرام . وان سن سيئة أبدا لم تمر. وتصبح حديثا يتندر به في المجالس وأقل ما يقال عنه “أصله منووووفى” .

هذا هو ما دفعني لكتابة هذه السلسلة من المقالات واليكم ” الحلقة الأولى “

محافظة المنوفية من محافظات وسط الدلتا ,وهى من أقدم المحافظات في جمهورية مصر العربية ولكنها لم تظهر بحدودها التقريبية ومسماها إلا في فترة العهد الفاطمي , في حين عرفت بالمنوفية في العهد المملوكي وسميت “بالأعمال المنوفية”ثم “ولاية المنوفية” في العهد العثماني ,وكانت عاصمتها في ذلك الوقت هي مدينة “منوف”وهى التي أخذت المحافظة منها اسمها.

ونظرا لموقع مدينة منوف الجانبي بالنسبة للطريق الزراعي الذي يربط القاهرة بالإسكندرية ويصل محافظات الغربية وكفر الشيخ والبحيرة ثم الإسكندرية قرر محمد على سنة 1826 اختيار عاصمة جديدة لها على الطريق الرئيس فوقع الاختيار على مدينة شبين الكوم لتكون عاصمة للمحافظة بسبب توسطها بين بلاد المحافظة والتي أصبحت تعرف” بمديرية المنوفية ”

ولم تعرف المنوفية باسمها الحالي “محافظة المنوفية” ألا في سنة 1960 في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .

كان طبيعيا أن يكون الفلاح المنوفي بطبيعته الهادئة وتطلعه الثوري هو أول ما يلفت نظر جان بول سارتر مفكر الوجودية الأول في العالم , في زيارته الوحيدة السريعة لمصر عام 1966 , فقبل مغادرة سارتر لمصر سأله الصحفيون عن أهم الأشياء التي لفتت نظره فيها فقال ” لقد تأثرت لشيئين : فلاحى كمشيش وعمال كيما ” وهو ما أثار حقد وغيرة المثقفين عليهما ..

وقرية كمشيش هى قرية صغيرة استطاعت أن تكتب اسمها في تاريخ المنوفية . و بفضل شدة مقاومتها للاحتلال والإقطاع أطلق على الإنسان المنوفي واحد من أهم الأمثال الذي ظل عالقا بالذهن المصري تجاه المنوفي وهو ( المنوفي لا يلوفى ولو أكلته لحم الكتوف ) .

فلقد أطلق المثل على أهالي قرية كمشيش الذين رفضوا الخضوع للاحتلال والإقطاع مهما قدمت لهم من عروض ومهما كلفهم ذلك من تضحيات.. انه المعنى التاريخي للمثل .. وليس كما يتداول فيما بعد في إطار التنافس بين المحافظات المختلفة .

وفى 4سبتمبر 1952وبعد أيام قليلة من قيام الثورة سقط في المواجهات بينهم وبين الإقطاع 17 فلاحا مصابا برصاص الإقطاع . وهنا أرسل مجلس قيادة الثورة إلى كمشيش أنور السادات الذي بدا مساندا لجانب ملاك الأرض .

وعوقب الفلاحون بالسجن ورغم ذلك لم يتخلف فلاحو كمشيش عن مساندة الثورة ليسقط ( أبو زيد أبو رواش ) في عام 1955 شهيدا .

وفى عام 1956 قاد الشهيد صلاح حسين كتيبة من فلاحى كمشيش تمركزت في معسكر الهايكستب قبل أن يستشهد دفاعا عن حقوق الفلاحين في عام 1966.

وبعد عدوان 1967 كان فلاحو كمشيش في طلائع القوى التي وصلت بور سعيد للانخراط في صفوف المقاومة . ولقد كان أهم ما يميز حركة فلاحى كمشيش منذ اندلاعها في 4 سبتمبر 1952هو ربطها بين مفهوم التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي في معركة واحدة واضحة المعالم والأهداف

وكان من أهم الأشياء التي اتضحت فيها عبقرية الفلاح المنوفي هو قدرته على التفرقة بين ” ضباط الاحتلال “وبين
” الخواجات المسالمين “الذين استوطنوا عددا من بلدان المنوفية وأستوعبهم أهلها بينهم ..

فرغم ما شاع عن المحافظة ومقاومتها للاحتلال في كثير من المواقع فقد استوعب أهلها أعدادا كبيرة من الخواجات وخاصة الجريج ” اليونانيين “الذين عاشوا بين أهل المنوفية بشكل طبيعي وتركز وجودهم في بعض قرى المحافظة آنذاك مثل بركة السبع ولم تزل حكايات كبار السن في بركة السبع تتحدث عن الخواجة ” مشالي ” والخواجة ” أنطون ” اليهوديين اللذين استوعبهما الناس في البلدة الصغيرة ليعيشوا بين أهلها كأفراد منهم.

ولكن للأسف ما لبث أن تنكرا هذان اليهوديان لكل ذلك ومع إعلان دولة إسرائيل عام 1948 تركا كل شيء وهاجرا إليها ورغم ذلك لا يزال بعض أفراد البلدة يذكرونهما وان لم ينسوا لهما موقفهما الأخير ……

إلى اللقاء في الحلقة القادمة … محمد سعد ..مديرية التربية والتعليم بمحافظة شمال سيناء

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى