الأخبارالاقتصادالانتاجبحوث ومنظماتتقاوى و بذورحوارات و مقالاتمصر

د خالد فتحي سالم: حقيقة صناعة التقاوي في مصر (تحديات وهموم وطموحات)

 أستاذ بيوتكنولوجيا النبات- معهد الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية – جامعة مدينة السادات – مصر

 

يعتبر إنتاج التقاوي المحلية وإعطائه اهمية قصوي علي المستوي القومي يعطينا قدرًا أكبر من الاستقلالية واتخاذ القرار وتوفير عملة صعبة يحتاجها الاقتصاد القومي وتقليل العبء علي الناتج القومي وعلي المزارع المصري ومدخلات الانتاج الزراعي وكذلك صمام امان لضمان زيادة الانتاجية.

وأيضا أهم ما يميز صناعة التقاوي محليا هو تحقيق ميزة في تصدير هذه التقاوي لدول الجوار وحوض البحر الابيض المتوسط لتشابه الاجواء المناخية والامراض مثلما تفعل اوروبا الشرقية مع اوروبا الغربية من السيطرة علي سوق التقاوي بأوروبا وايضا سوف تسهم بالتالي في الحفاظ على التقاوي المحلية والثروات الطبيعية والتنوع الوراثي الذي تم تطويره على مدى الأجيال القادمة.

وتنفرد صناعة التقاوي بميزات لا تعد ولا تحصى والتي باتت تختفي بسرعة ويعتبر عدم الاحتفاظ بالسلالات المحلية والمحافظة عليها ببنك جينات علي المستوي القومي ايضا نوع من الغفلة والعصيان المدني ضد القوانين التي تحاك ضدنا ونحن في غفلة عنها وتفرضها الشركات الكبري او 6 شركات الكبري علي مستوي العالم والذي يمكنها من السيطرة الكاملة على صناعة التقاوي عالميا والتي هي مصدر للحياة لنا والاجيال القادمة.

و سيؤدي مستقبلا احتكار صناعة التقاوي للمحاصيل الزراعية في السوق العالمي إلى تدمير الزراعة والانظمة الزراعية عالميا وعلي المستوي القومي وعلي الامن الغذائي المصري والتي يصل عمر حضاراتها 7000 سنة والتي مكنت الأجيال السابقة من انتاج التقاوي ذاتيا وإطعام نفسها دون مشقة تذكر.

كانت تقاوي الأصناف المصرية تحت ايدينا  بصورة كاملة بانواع مختلفة  ولكن بدأت في الاندثار الوراثي وقل التنوع الوراثي بها واختلاف السلالات البرية والمحلية وظهور الهجن الحديثة مما ادي الي اختلاف السلالات المحلية لدي كافة المزارعين واندثارها وايضا عدم وجود بنك للجينات علي مستوي عالي في السنوات السابقة ادي الي اختفاء معظمها.

ايضا علي المستوي البحثي إختفت هذه الأصناف والسلالات في برامج التربية لعدم وجود خطة قومية تتبني الاحتفاظ بهذه السلالات وتجميعها من المزارعين او المراكز البحثية او الجامعات في الفترات السابقة، ايضا نواجه الان موجات متسارعة من انقراض هذه السلالات والاصناف القديمة والتي يعتمد عليها الغذاء والاكتفاء الذاتي.

وكان لدينا سلالات متميزة واصناف قديمة رغم ضعف انتاجيتها الي انها مصدر التصنيف الوراثي للأصناف الجديدة والتي كانت تتكيف مع الظروف المحلية والتي يمكن الاستفادة منها في برامج التربية للمحصول العالي والتحمل للأمراض والآفات والاجهادات البيئية المختلفة من ملوحة وجفاف وحرارة وتغيرات مناخية مستحدثة.

علينا كاتجاهات جديدة ان يتبني مربي النبات في البرامج القومية هذه الأصناف لاستنباط أصناف عالية الإنتاجية ولا تتأثر بهذه التغيرات المناخية ولا تكلف المزارع عمليات زراعية مكلفة ومجهدة ليهرب بينما من خلال برامج التربية ستكون أصناف مقاومة ومنيعة لهذه الاجهادات.

قديما كان المزارعون يتبادلون التقاوي مع بعضهم البعض دون احتكار وكانت جزءًا من الحياة ولكن الان وفي ظل العولمة وصناعة التقاوي وربما الاحتكار مستقبلا نحتاج الي صفات خاصة مثل التجانس والثبات الوراثي سواء في تقاوي اصناف المحاصيل الحقلية الاستراتيجية او السكر او القطن او محاصيل الخضر والتي تنتج منتجات متجانسة وذات ثبات لفترات طويلة وذلك علي عكس انتخاب المزارع قديما حيث اختلفت معايير الانتخاب حيث كان ينتخب المزارع معايير خاصة ادت الي مجموعات عالية التنوع الوراثي والأقلمه للبيئة المحلية ومقاومة الاجهادات الحيوية واللاحيوية .

ولكن مع انتشار الامراض والتغيرات المناخية أصبحت طرق الانتخاب البدائية غير مجدية واضطررنا الي استخدام الطرق التربية بالتهجين والانتخاب باستخدام المعلمات الجزيئية او المادة الوراثية DNA حاليا والهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية والاصناف المهندسة وراثيا GMO crops وان ظهور الامراض النباتية والاجهادات الاحيائية وتأثيره علي الأصناف المحلية وذلك من جرّاء صناعة التقاوي والتي ادت الي  الزراعة الأحادية والانتخاب لصفة المحصول العالي قلل من التنوع الوراثي والتعرية الوراثية والذي لا رجعة فيه وربما سيؤدي إلى المجاعة في المستقبل.

وهذا يعتبر تدمير للثروة النباتية ايضا وان ما يتبع في الدول المقدمة من تسجيل المربي للأصناف التي ينتجها ويستنبطها بشكل مضطرد هو نوع من الحماية للحقوق والملكية الفكرية وحفاظ للصحة العامة وهناك معايير عالمية للإنتاج والمحافظة عليها للأجيال القادمة وصغار المنتجين وربما سيصبح هناك حقوق ومشاكل من تداول هذه السلالات او كسرها واكثار هذه السلالات علي المستوي المحلي مستقبلا دون تصريح من الشركات المستنبطة لمثل هذه الاصناف.

نحن الان نعيش في زمن المشاكل ودول الجوار والعولمة وكورونا وتحديات كبيره تواجهنا ومشاكل اقتصادية ستجبر العالم علي الحفاظ علي احتياجاتهم وعدم تصديرها مستقبلا حتي اذا كان معك المال ربما لا تستطيع استيراد هذه السلالات المتفوقة سنويا.

ولذا وجب علينا ان نتوقف وندرس احتياجاتنا واعادة الثقة في البرامج القومية للمحاصيل والبساتين او الانتاج الحيواني او الداجني او السمكي سواء بالجامعات المصرية او المراكز البحثية سواء مركز البحوث الزراعية او المركز القومي للبحوث او مركز بحوث الصحراء بمصرنا الحبيبة واعطاء الدعم الكافي لاستنباط الاصناف المحلية المبكرة والعالية الانتاجية والمقاومة للأمراض والمتكيفة للبيئة المصرية والتي لا يفكر فينا اي برنامج دولي لاختلاف المناخ والتغيرات المناخية علي المستوي العالمي.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى