الأخبارمصر

د علي إسماعيل يكتب:إستصلاح الأراضي ومفهوم الأمن الغذائي المصري والأزمة الاقتصادية العالمية

استاذ اداره الموارد الأرضية والمائية – مركز البحوث الزراعية – مصر

لاشك  ان الازمة الاقتصادية  التي يتعرض لها العالم ستظل تطل براسها علي العالم  بعد جائحة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية وسوف تستمر الي ان تضع هذه  الحرب اوزارها وربما تستمر لبعض الوقت حتي تنضبط معها سلاسل الامداد والتوريد حول العالم .

ومع هذه المستجدات الدولية  نجد ان التأثيرات علي مصر  كانت اكثر شدة  بشكل اساسي مع ما تقوم به الولايات المتحدة الامريكية من رفع اسعار الفائدة  وارتفاع سعر الدولار مقابل باقي العملات بعد بدء الكونجرس حل ازمة سقف الدين وتأثيراتها السلبية علي الاسواق الناشئة وما تسببه من خروج الاموال الساخنة وهروب الاستثمارات من هذه الدول الناشئة  ورفع مستويات التضخم ونقص الاحتياطات الدولارية للبعض منها وخاصة التي تكون واردتها اكثر من صادرتها وتدخل صندوق النقد والبنك الدولي لحل بعض أزمات هذه الدول النامية .

وربما تكون روشته العلاج قاسية لا تفهم الابعاد السياسية الاقتصادية علي الفئات البسيطة ومحدودة الدخل فالصندوق لا ينظر سوي للمنظور الاقتصادي مع تحقيق مصالح الشركاء والداعمين بغض النظر عن مصالح الدول نفسها وقد تظل هذه الدول في دائرة الطرد المركزي دون توقف ..

واذا نظرنا الي ضمان نجاح الاستثمار ودعم الاقتصاد المصري فالإنتاج والتصدير هما راس الحربة القادرين على تحقيق هذه المعادلة  وليس الخدمات والسمسرة والانتاج الاستهلاكي الداخلي الذي يحقق أرباح محليه تتطلب تحويل هذه العوائد الي دولارات يتم تحويلها الي الخارج  طبقا للقوانين الاستثمارية ويظهر ذلك واضحا من شركات عديدة تحمل علامات تجارية عالميه.

الأمر لابد أن يعاد النظر فيه وان يتم تحديد نسب التحويل وخروج الدولارات طبقا لما تحققه هذه الأنشطة من عوائد  دولاريه للاقتصاد  فليس من المعقول ان شركة تبيع مياه  معبأة  واخرى عقارية في السوق المصري وتحول ارباحها بالدولار الي الخارج  فالأمر يحتاج إعادة ضبط للسوق  لتحديد  الأولويات الاستثمارية التي تكون قادرة علي لضافة الدولار للاقتصاد وليس لخروجه من الدولة دون مبرر .

فليس من المعقول ان الدولة المصرية تبذل الكثير من الجهد  في دعم منظومة التصدير وتشجيع الاستثمار للحصول على العملة الصعبة من الأنشطة المختلفة الصادرات المصرية الصناعية والزراعية البترولية وقناه السويس تحويلات المصريين بالخارج  .

وهنا  يمكن ان نؤكد كما اشرنا سابقا في مقالات عديدة ان الزراعة بشقيها وازرعها الثلاثة الانتاج النباتي والانتاج الحيواني والتصنيع الزراعي هما عصب للتنمية الزراعية واحد اهم الروافد الاقتصادية  لمحاور الامن الغذائي القومي .

وفي ظل ما يعانيه العالم من ازمة اقتصادية ونقص في امدادات الغذاء وارتفاع اسعاره عالميا ومحليا بعد ان شهدنا في الآونة الاخيرة ارتفاع اسعار الاعلاف ومدخلاتها وتأثيراتها السلبية علي اسعار الدواجن والبيض والحوم الحمراء والاسماك  رغم الافراجات التي تخطت ما يقرب من ثلاث مليارات دولار للأعلاف ومستلزماتها .

ربما يظهر امامنا الان اهمية تحقيق مفهوم الأمن الغذائي و هو جزء هام وفعال في اطار  مهم وجوهري في ظل ما يحيط بالعالم من مخاطر بعد انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد19) الذي أصبح وباءا اجتاح العالم لفترة امتدت لأكثر من سنتين  مما حزي بكثير من الدول بغلق حدودها وتوقف كثير من انشطتها التجارية والصناعية وتبعها الحرب الروسية الاوكرانية.

قد تتغير مع هذه المخاطر خريطة العالم في ظل الصراع القائم بين امريكا وتوابعها من حلف الناتو  وروسيا والصين وربما يتعرض العالم الي اكبر ازمه اقتصادية لم يشهدها منذ عقود مضت وبعد الازمة الكبرى للاقتصاد العالمي  سنة 2008 .

وقد أعلن البنك الدولي اليوم عن إجراءات يعتزم اتخاذها في إطار استجابة عالمية شاملة لأزمة الأمن الغذائي المستمرة، وذلك من خلال إتاحة ما يصل إلى 30 مليار دولار في مشروعات قائمة وجديدة في مجالات مثل الزراعة والتغذية والحماية الاجتماعية والمياه والري.

وسيشمل هذا التمويل جهودا لتشجيع إنتاج الأغذية والأسمدة، وتعزيز الأنظمة الغذائية، وتسهيل زيادة التجارة، ومساندة الأسر والمنتجين الأكثر احتياجاً   وذلك في واشنطن خلال 18 مايو 2022

وتعليقا على ذلك  فقال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس:  ان تتسبب زيادات أسعار الغذاء  في العالم  آثار مدمرة على الفئات الأشد فقرا والأكثر احتياجاً  ولتوجيه الأسواق وتحقيق استقرارها من الأهمية بمكان أن تصدر البلدان بيانات واضحة الآن عن زيادات الإنتاج في المستقبل في إطار مواجهة الآثار الناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا.

وينبغي  للبلدان أن تبذل جهودا منسقة لزيادة المعروض من إمدادات الطاقة والأسمدة، ومساعدة المزارعين على زيادة المساحات المزروعة وغلة المحاصيل وإزالة السياسات التي تعوق عمليات التصدير والاستيراد  أو تحويل المحاصيل الغذائية نحو إنتاج الوقود الحيوي، أو تشجع على التخزين غير الضروري .

ويعمل البنك الدولي مع البلدان المعنية على إعداد مشروعات جديدة بقيمة 12 مليار دولار لفترة الخمس عشر شهراً المقبلة للتصدي لأزمة الأمن الغذائي.

ومن المتوقع أن تساند هذه المشروعات قطاعي الزراعة والحماية الاجتماعية للتخفيف من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية ومشروعات المياه والري وستذهب معظم الموارد إلى أفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى وجنوب آسيا.

علاوة على ذلك، فإن محفظة مشروعات البنك الدولي الحالية تشتمل على أرصدة غير مسحوبة من حصيلة القروض والاعتمادات بقيمة 18.7 مليار دولار في مشروعات ذات صلة مباشرة بقضايا الأمن الغذائي والتغذية تغطي الزراعة والموارد الطبيعية والتغذية والحماية الاجتماعية وقطاعات أخرى.

وإجمالا، سيصل هذا المبلغ إلى أكثر من 30 مليار دولار وسيكون متاحاً للصرف للتصدي لانعدام الأمن الغذائي على مدار الخمس عشر شهرا المقبلة. وستستفيد هذه الاستجابة من كامل الأدوات المالية التي يقدمها البنك وستعززها أنشطة العمل التحليلي.

ستعالج الاستجابة العالمية التي تتخذها مجموعة البنك الدولي أربع أولويات:

  • مساندة الإنتاج والمنتجين: اتخاذ إجراءات لتعزيز الإنتاج الزراعي للموسم المقبل من خلال إزالة الحواجز القائمة أمام تجارة المستلزمات الزراعية، والتركيز على رفع كفاءة استخدام الأسمدة، وإعادة توجيه السياسات والنفقات العامة بغرض تقديم دعم أفضل للمزارعين والإنتاج الزراعي.
  • تسهيل زيادة التجارة: بناء توافق دولي في الآراء (مجموعة السبع ومجموعة العشرين وغيرهما) والالتزام بتفادي القيود على الصادرات التي تزيد أسعار الغذاء العالمية والقيود المفروضة على الواردات التي لا تشجع الإنتاج في البلدان النامية.
  • مساندة الأسر الأكثر احتياجاً: توسيع مظلة برامج الحماية الاجتماعية الموجهة والمراعية للتغذية وتجديد موارد آليات تمويل الاستجابة المبكرة.
  • الاستثمار في الأمن الغذائي والتغذية المستدامة: تدعيم الأنظمة الغذائية لجعلها أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المخاطر المتزايدة (الصراعات، والمناخ، والآفات، والأمراض)، واضطراب حركة التجارة، والصدمات الاقتصادية – والموازنة بين الاحتياجات الفورية/قصيرة الأجل والاستثمارات طويلة الأجل

النظر الي ماتحقق  من انجازات  بملف استصلاح الاراضي وترشيد المياه في ثماني سنوات بهدف  دعم ملف  الامن الغذائي المصري وسد  الفجوة الغذائية .

لقد انقضي ما يقرب من  ثماني سنوات وتحقق كثيرا من  الإنجازات في  القطاع الزراعي المصري منذ تولي الرئيس  عبدالفتاح  السيسى  قيادة مسيرة البناء  والتنمية تلك الفترة كانت شاهدة على تنفيذ العديد من المشروعات الزراعية القومية بشتى المناطق وخاصة  بملف استصلاح الاراضي.

ساهمت هذه المشروعات في زيادة معدلات صادرات مصر من المنتجات والحاصلات الزراعية إلى أسواق العالم . ولاشك أن الجهود العظيمة التي قام بها الرئيس السيسي في مجال الانتاج الزراعي والحيواني والسمكي كان له عظيم الاثر كجزء من المفهوم الاستراتيجي بعيد المدي لتحقيق مفهوم الامن الغذائي الشامل مع زيادة السكان وهو ما ظهر أثره الان بالسوق المحلي المصري لتوفير الخضر والفاكهة بأسعار معقولة في ظل ارتفاع الاسعار الغير مبررة من بعض التجار وارتفاع سعر الدولار   .

تري ماذا كان الموقف مع ١٠٤ مليون نسمه  من المصريين و ٩ مليون  ضيف وافد يعيشون علي ارض مصر اذ  لم  يكن  هناك مشروع استصلاح 4 ملايين فدان في مشروعات توشكي والعوينات وغرب المنيا وسيناء والدلتا الجديدة  ومشروع 1.5 مليون فدان للريف المصري الحديث) ومشروع ١٠٠ الف صوبة التي تعادل انتاج مليون فدان ومشروع المزارع السمكية وتنمية الثروة السمكية التي تنفذها القوات المسلحة المصرية.

ليس هذا فحسب ولكن قائمة مشروعات الأمن الغذائي تضم أيضا مشروع تنمية شمال ووسط سيناء لاستصلاح ما يقرب من ٤٦٥ الف فدان بعد انشاء محطة معالجة بحر البقر بطاقة يومية ٥.٦ مليون متر مكعب من المياه وسرابيوم  بطاقه مليون متر مكعب ، ومشروع الدلتا الجديدة بمحور الضبعة شاملا مشروع مستقبل مصر ٥٠٠ الف فدان وجنوب الضبعة ٥٠٠ الف فدان من اجمالي ٢.٢ مليون فدان والذي يشمل اكبر نهر صناعي (  ٩٢ كم ترعة مكشوفة و٢٢ كم مواسير مدفونة ) ، ومشروع غرب  غرب المنيا  ٤٠٠ الف فدان يحتضن اكبر مصنع لإنتاج السكر من البنجر ، ومساحات زراعية بمشروع جنوب الوادي توشكى والعوينات لمساحة تقارب مليون فدان تم استصلاح وزراعة ما يقرب من ٦٠٠ الف فدان  منها ، ومشروع الريف المصري الجديد لزراعة واستصلاح الـ1.5 مليون فدان زراعي، والتي ساهمت الفترة الأخيرة في زيادة إنتاجية مصر من المحاصيل الزراعية، ووفرت عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب، إضافة إلى دورها في دعم الاستثمار بهذا القطاع بمختلف المناطق، وإنعاش الاقتصاد الوطني للبلاد.

تم استصلاح مساحة  قاربت  من ٢.٥  مليون فدان فعليا  وستصل الي ٤ مليون فدان وهي تعادل ما تم استصلاحه في ٦٠ سنة منذ ثورة يوليو   ١٩٥٢هذا يعني  من تحقيق ضعف الرقعة الخضراء في ٨ سنوات.

١٧.٥ مليون فدان المساحة المحصوليه بمعدل تكثيف زراعي بلغ   ١.٨  كنتيجة لاهتمام الدولة بمحور التوسع الرأسي، وقد تبلغ مساحة محاصيل الحبوب ٦٠ ٪ من المساحة المحصوليه وتحقق ٣٨٪ من العائد الاقتصادي، في حين أن المحاصيل البستانية تحتل نسبة ١١ ٪ من المساحة المحصوليه ، لكنها تحقق عائد اقتصادي نسبة أعلى من محاصيل الحبوب بنسبة ٣٢ ٪ .. فمساحة الرقعة الزراعية في مصر بلغت  ١٠.٣ مليون فدان بعد استقطاعات وتعديات علي الاراضي القديمة وزحف عمراني تجاوز ٦٠٠ الف فدان  خلال ما يقرب  من ٤٠ عاما .

الدولة ومواجهة تحديات تواجه الأمن الغذائي المصري

العمل علي مواجهة محدودية المياه المستخدمة في الري، النمو السكاني المتزايد، التغيرات المناخية وان التحديات المائية، وقد ُوضعت لها الدولة خطة مكلفة وسريعة للتعامل معها ومواجهتها، وذلك من خلال عدة محاور.

المحور الأول لحماية الأمن الغذائي من خلال توفير المياه من مصادر غير تقليدية سواء من خطوات تحلية مياه الصرف الزراعي لمحطات المحسمة وبحر البقر والعالمين الجديدة بطاقة ٧.٥ مليون متر مكعب يوم  مع أو معالجة مياه البحر أو الاستغلال الأمثل للمياه الجوفية.

المحور الثاني:  من خلال عدة إجراءات ترشيد استهلاك المياه وتقليل الفاقد وقد كان على رأسها المشروع القومي لتأهيل وتبطين الترع وتطوير المساقي والمراوي، وتحديث منظومة الري التقليدية  وتحديث الري في مليون فدان  من الاراضي الجديدة. كانت تروي بالغمر من خلال استخدام النظم الموفرة للمياه والري الحديث، وتقنين زراعة المحاصيل الشرهة للمياه، واستنباط أصناف موفرة من التقاوي وقليلة الاحتياجات للمياه، بما ينعكس علي زيادة معدلات الأمن الغذائي.

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى