الأخبارالانتاجبحوث ومنظماتحوارات و مقالات

ماهي مخاطر تاثير التغيرات المناخية على الثروة الحيوانية؟

بقلم الدكتورة سوزان شرف الدين 

باحث بقسم الفيرولوجى – معهد بحوث الصحة الحيوانية شبين الكوم – مركز البحوث الزراعية – مصر

التغيرات المناخية هي مصطلح يشير إلى التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس . قد تكون هذه التحولات لاسباب طبيعية، بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة. ولكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي السبب الرئيسي لتغير المناخ ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز.

انبعاثات الغازات الدفيئة تلتف حول الأرض نظرًا لتواجدها في الغلاف الجوي فتحبس حرارة الشمس، مما يؤدي إلى الاحتباس الحراري وتغير المناخ. وترتفع درجة الحرارة في العالم  حاليا بسرعة لم يسبق لها مثيل.

تتميز ظاهرة التغيرات المناخية عن معظم المشكلات البيئية الأخرى بأنها عالمية الطابع حيث أنها تعدت حدود الدول لتشكل خطورة على العالم أجمع. فقد تم التأكد من الازدياد االطردى في درجات حرارة الهواء السطحي على الكرة الأرضية ككل حيث ازداد المتوسط العالمي بمعدل يتراوح بين ٠,٣ حتى ٠,٦ من الدرجة خلال المائة سنة الماضية.

أسباب التغيرات المناخية :

1- توليد الكهرباء والحرارة عن طريق حرق الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، وينتج عن ذلك ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز وهي غازات دفيئة قوية تغطي الأرض وتحبس حرارة الشمس و غالبًا ما يتم إنتاج الكهرباء عبر حرق الوقود الأحفوري، ولا يتم إنتاج سوى ربع نسبة الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى .

2- تصنيع البضائع  تؤدى الى انتاج انبعاثات، معظمها من حرق الوقود الأحفوري لإنتاج الطاقة التى تستخدم فى صناعة الاسمنت والحديد والفولاذ والإلكترونيات والبلاستيك والملابس و صناعة البناء وغيرها من السلع. إضافةً إلى ذلك التعدين والعمليات الصناعية الأخرى.

3- قطع الغابات لإنشاء مزارع أو مراعي أو لأسباب أخرى، لأنّ الأشجار تطلق الكربون المخزّن بعد قطعها. ونظرًا لأن الغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون، فإن قطعها يحد أيضًا من قدرة الطبيعة على حماية الغلاف الجوي من الانبعاثات.

4- استخدام وسائل النقل كالسيارات والشاحنات والسفن والطائرات التى تعمل بالوقود الأحفوري، مما يتسبب في انبعاث الغازات الدفيئة خاصة ثاني أكسيد الكربون. وتسبب المركبات الجزء الأكبر من الانبعاثات، لكن تزداد الانبعاثات الناتجة عن السفن والطائرات يومًا بعد يوم.

5- استخدام الوقود الأحفوري فى تشغيل معدات المزارع أو قوارب الصيد لإنتاج الغذاء ، كما تؤدي زراعة المحاصيل أيضًا إلى انبعاثات، جراء استخدام الأسمدة .

6-  تزويد المباني السكنية والتجارية بالطاقة التى تستهلك أكثر من نصف الكهرباء عالميًا , و التى لا تزال تعتمد على الفحم والنفط والغاز الطبيعي للتدفئة والتبريد، مما يؤدى الى اطلاق كميات كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة.

7- عوامل اخرى تساهم في انبعاثات غازات الدفيئة مثل طريقة استخدام الطاقة في المنازل ، وكيفية التنقل، والمواد الغذائية المستهلكة، ومقدار النفايات التي تنتج , استهلاك البضائع مثل الملابس والإلكترونيات والمواد البلاستيكية . إذ أن لأنماط حياتنا تأثيرٌ عميق على كوكبنا. ويتحمل الأغنياء المسؤولية الأكبر: فأغنى 1 % من سكان العالم مجتمعين يتسببون في انبعاثات لغازات الدفيئة أكثر مما يتسبب به أفقر 50 % من السكان.

تأثير التغيرات المناخية

1- ارتفاع درجات الحرارة نتيجة ارتفاع تركيزات الغازات الدفيئة. و تزيد درجات الحرارة المرتفعة من الأمراض المرتبطة بالحرارة. وتشتعل حرائق الغابات بسهولة أكبر وتنتشر بسرعة أكبر عندما تكون الأجواء أكثر سخونةً. وقد ارتفعت درجات الحرارة في القطب الشمالي بسرعةٍ مضاعفة على الأقل عن المتوسط ​​العالمي.

2- أصبحت العواصف المدمرة أكثر حدةً وتكرارًا في العديد من المناطق. ومع ارتفاع درجات الحرارة، يتبخر المزيد من النداوة، مما يؤدي إلى تفاقم هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات، ويتسبب بالتالي في المزيد من العواصف المدمرة.

3- زيادة الجفاف نتيجة تفاقم نقص المياه في المناطق الفقيرة بالمياه، مما يؤثر بالتالي على زراعة المحاصيل، ويزيد الجفاف البيئي من ضعف النُظُم البيئية. كذلك فإن الصحاري تاخذ في التوسع، مما يقلل من مساحة الأرض المتوفرة لزراعة الغذاء.

4- ارتفاع درجة حرارة المحيطات نتيجة امتصاص معظم حرارة الاحتباس الحراري.مما يؤدى الى زيادة حجمها. كما يتسبب ذوبان الصفائح الجليدية في ارتفاع مستويات سطح البحار، مما يهدد المجتمعات الساحلية. وبالإضافة إلى ذلك، تمتص المحيطات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتمنعها من الانطلاق نحو الغلاف الجوي، لكن زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون تجعل المحيطات أكثر حمضيةً، مما يعرض الحياة البحرية والشعاب المرجانية للمخاطر.

5- مخاطر على بقاء الأنواع على الأرض وفي المحيطات.

6- نقص الغذاء و الارتفاع العالمي في معدلات الجوع وسوء التغذية. إذ قد يتم تدمير مصايد الأسماك والمحاصيل والماشية أو تصبح أقل إنتاجيةً. ومع ازدياد حمضية المحيطات، أصبحت الموارد البحرية التي تغذي مليارات البشر معرضةً للخطر.

7- مزيد من المخاطر الصحية نتيجة تلوث الهواء، والأمراض، والظواهر الجوية الشديدة، والتهجير القسري، والضغوط على الصحة العقلية، وزيادة الجوع وسوء التغذية في الأماكن التي لا يستطيع الناس فيها زراعة المحاصيل أو العثور على غذاءٍ كافٍ.

اثر التغيرات المناخية على الثروة الحيوانية و الانتاج الحيواني

– أفادت معلومات صادرة عن المنظمة الدولية لصحة الحيوان بأن التغيرات المناخية تؤدي إلى إعادة انتشار الأوبئة التي تصيب الحيوانات، أو تؤدي إلى ظهور أوبئة جديدة.

– وأشارت دراسة حديثة شاركت فيها 126 دولة إلى أن عديدا من أمراض الحيوان تنتشر مع تغيرات المناخ  وأعلن  58% من الدول التي شملتها الدراسة أن عودة مرض واحد على الأقل من أمراض الحيوانات بها أو ظهور مرض جديد جاء مرتبطا بتغيرات مناخية بمنطقتها. وأبدى 71% من هذه الدول “قلقه الشديد” من تأثير الاحتباس الحراري على الصحة الحيوانية و الانتاج الحيوانى.

– من أكثر الأمراض التي يرتبط انتشارها بتغيرات المناخ هي مرض اللسان الأزرق الذي يصيب ذوات الحوافر، ومرض حمى الوادي المتصدع، وحمى غرب النيل.

– كما يؤثر تغير المناخ على منتجات الألبان واللحوم وإنتاج الصوف بشكل رئيسي عن طريق التأثيرات على العشب وتغير نطاق الإنتاجية.

– تؤدي درجات الحرارة المرتفعة وارتفاع رطوبة الهواء الى انخفاض استهلاك الأعلاف للماشية.

– زيادة درجة حرارة المحيط يزيد من استهلاك الماشية للماء، لكن ارتفاع درجات الحرارة المصحوب بارتفاع الرطوبة يقلل من كميات الماء المستهلكة ويزيد من عدد مرات الشرب التي تحتاجها المواشي.

– تؤثر درجات الحرارة بشكل مباشر على نمو المواشي قبل ولادتها، فالبنسبة للعجول التي تولد بعد الحمل الصيفي في المناطق الاستوائية فإنّ حجمها يقل و تكون غير متكيّفة مع محيطها.

– زيادة درجة الحرارة يمكن أن تؤخر نمو الحيوانات بعد فطامها.

– ينخفض إنتاج الحليب في فصل الصيف عادة بسبب التعرّض المستمر للحرارة، وتبين انه بزيادة درجات الحرارة 1 درجة مئوية عن المعدل المتوسط لدرجات الحرارة السائده يؤثر سلبا حوالي 10% من انتاج اللبن خلال فترة الاجهاد وحوالي من 8 الي10% من انتاج اللحم خلال تلك الفترة.

– قد يتسبب ارتفاع درجات الحرارة بحدوث خلل وظيفي في الغدة النخامية الأمامية مما يؤدي لانخفاض إنتاج الهرمونات الجنسية وبالتالي فشل عملية الإنجاب وتقزم الأجنة. أما في الذكور من المواشي فهناك أدلة على أنّ ارتفاع درجات الحرارة تؤثّر على إنتاج الحيوانات المنوية.

– يؤدي الجفاف لانخفاض مساحات المراعي وكميات الأعلاف المتاحة للمواشي والرعي، وبالتالي فإن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدلات الهطول المطري يشكل خطراً على الثروة الحيوانية وخاصة على الحيوانات التي تعتمد في غذائها على الحبوب.

تاثير التغيرات المناخية على زيادة الامراض

يمكن ان تؤدى التغيرات المناخية إلى زيادة الامراض والطفيليات التي تصيب الحيوانات، لأن الشتاء الدافيء والربيع المبكر قد يخلق بيئة مناسبة لعيش الطفيليات ومسببات الأمراض للحيوانات، وخاصة في المناطق التي يرتفع فيها معدلات سقوط الامطار.

– قد يؤدي استخدام المبيدات الطفيلية والأدوية الحيوانية في مقاومة امراض الحيوانات، لتعريض السلاسل الغذائية لمخاطرالتلوث بهذه المبيدات ونشوء أجيال جديدة من الامراض ذات المقاومة للأدوية والعلاجات. يؤدي ارتفاع نسبة ثاني اكسيد الكربون في الغلاف الجوي لزيادة إنتاجية المراعي، لكنها تقلل من جودة الأعلاف التي تحصل عليها المواشي وبالتالي حاجة المواشي لتناول كميات اكبر من الطعام للحصول على القيمة الغذائية المناسبة.

تاثير التغيرات المناخية على هجرة الطيور

يؤثر الاحتباس أيضا على أنماط الهجرة الموسمية للطيور والأسماك والحيوانات الأخرى، و ايضا يهدد الذوبان المستمر للجليد البحري في القطب الشمالي الحيوانات التي تعتمد على الجليد البحري للصيد كالدببة القطبية، كل هذه التغيرات التي ذكرت ستؤدي إلى انقراض بعض النباتات والحيوانات مع مرور الوقت.

تاثير التغيرات المناخية على الخصوبة

ومن المعلوم أن ظاهرة الإحتباس الحراري بما تشمله من إرتفاع في درجة حرارة الجو المحيط بالحيوان مع إرتفاع الرطوبة النسبية يمثل عائقا كبيرا لتناسل طبيعي نموذجي. يؤدي الإحتباس الحراري إلي مشاكل فسيولوجبة عديدة من شأنها أن تؤدي إلي خلل واضح في الخصوبة. كما ثبت أن الإحتباس الحراري قد يؤدي إلي نقص في هرمون الإستروجين مما قد يؤدي إلي الشياع الصامت في الجاموس.

– يزيد الإحتباس الحراري من مستوي هرمون البرولاكتين مما قد يتسبب في توقف دورة الشياع وبالتالي ضعف الخصوبة في الجاموس، فضلا علي أنه يؤدى إلي نقص حاد في هرمونات الجونادوتروبين مما أدي إلي ضعف في نمو حويصلات جراف وضمورها وعدم التبويض. هذا وقد يؤدي إلي نقص في تخليق هرمون    LHو الإستروجين مما قد يتسبب في ضعف شديد في تطور ونمو حويصلات جراف والذي يؤثر سلبا بل وقد  يؤدي إلي توقف نشاط المبيض تماما في الأبقار.

– أما عن تأثير الإحتباس الحراري علي عدم الإخصاب وتكرار الشياع فإنه قد يتسبب في زيادة الفترة ما بين التلقيحتين بدون إخصاب أو موت الأجنة المبكر في أيامه الأولي. هذا وقد يؤدي الإحتباس الحراري إلي إرتفاع درجة حرارة الرحم ونقص تدفق الدم الواصل إليه مما يقلل من نمو وتطور الجنين و الذي قد يتسبب في الموت المبكر للأجنة.

– يؤدي الإحتباس الحراري إلي نقص في هرمون البروجستيرون والذي قد يكون سبب رئيسي لتشوه البويضات ( عدم التطور الطبيعي للبويضات) أو الفشل في إنغماس البويضة المخصبة في جدار الرحم وبالتالي موت مبكر للأجنة وتكرار الشياع. فقد أثبتت الأبحاث في هذا المجال أن زيادة الإحتباس الحراري لمدة تتراوح ما بين 3-5 أسابيع قبل التلقيح قد قللت نسبة الإخصاب.

يجب علينا التكيف مع عواقب الظواهر المناخية حتى نتمكن من حماية أنفسنا ومجتمعاتنا، بالإضافة إلى بذل كل ما بوسعنا لخفض الانبعاثات وإبطاء وتيرة الاحتباس الحراري.

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى