الأخباربحوث ومنظماتحوارات و مقالاتمصر

مستقبل نبات «الدخن» في صناعة منتجات اللحوم

>> يستخدم في خلطات متعددة في اللحوم وله فوائد صحية للجسم

د. جيهان فتحي علي أحمد جلهوم  و الدكتورة زهرة العلا محمود محمد

معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية

 

الغالبية العظمى من البروتينات النباتية المتاحة تجارياً عادة تأتي من 2 % فقط من 150 نوعا من النباتات التي تزرع. هذا يترك إمكانية كبيرة لمزيد من الاستكشاف – ولا يأخذ في الاعتبار ما يقرب من 250,000  نوع من النباتات الإضافية غير المستخدمة في الزراعة اليوم. وفي عالم تكنولوجيا الغذاءالقائم على النبات ، أصبح البحث عن مكونات نباتية جديدة ذات خصائص وظيفية مفيدة ونكهة استثنائية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى حيث يتنافس المبتكرون على ابتكار بدائل نباتية للمنتجات الحيوانية وإطعام سكان العالم المتنامي.

وفي الآونة الأخيرة ،يشهد العالم تغيرات في الظروف المناخية ونقص الموارد المائية. وفقاً لتقريرالأمم المتحدة حول تنمية المياه في العالم(2015)،سيواجه العالم عجزًافي المياه بنسبة 40 ٪ بحلول عام 2030 ،ممايعني أن العالم لن يكون لديه ما يكفي من المياه لتلبية احتياجاته في غضون 10 سنوات فقط. و مع مرورمصربآثاربناء سد النهضة ومايترتب على ذلك من تعرض لظروف نقص الموارد المائية ، كانت هناك حاجة للتركيزعلى زراعة المحاصيل التي لا تتطلب كمية كبيرة من المياه ومن بين هذه المحاصيل الدخن. ذكرتقريرالإنتاج الزراعي العالمي بأن الدُخن هوأحد أهم المحاصيل المقاومة للجفاف ويصنف في المرتبة السادسة بين محاصيل الحبوب.

يمثل الدخن ، وهو محصول تم زراعته منذ بداية التاريخ ، مجالاً واعداً بشكل خاص لمزيد من الاستكشاف. منذ عشرة آلاف عام، استقر أجدادنا في الهلال الخصيب  ومارسوا أنماط زراعية  متنوعة، حيث كانوا يزرعون النباتات مثل القمح والشعير في نفس الوقت تقريبًا ، و في شمال الصين زرع قدماء الصينيون الدخن، بدلاً من القمح والشعير. وعلى مدى آلاف السنين  انتشرت المحاصيل الثلاثة في جميع أنحاء العالم ودخلت محاصيل جديدة لوجباتنا الغذائية أيضًا.

يزرع الإنسان مجموعة واسعة من الحبوب التي تناسب مختلف الأجواء والأذواق ، ولكن حتى اليوم، يسيطر القمح والأرز والذرة على استهلاك الحبوب ، وقد تم تهميش الدخن.

الدخن هو مصطلح لمجموعة من الحبوب الغنية بالبذور المغذية الصغيرة، فهي تميل إلى أن تكون عالية في المغذيات الدقيقة والبروتين وتنمو بشكل جيد في المناطق شبه القاحلة الحارة مع التربة الهيكلية. ساعدت هذه الخصائص الدخن في أن يصبح محصولاً أساسيًا في جميع أنحاء العالم لآلاف السنين.

الدخن  هو نبات عشبي حولي ذو بذور صغيرة نشأ أصلاً في آسيا وإفريقيا ويوجد عدة أنواع من الدخن حيث يوجد على الأقل إثنا عشر نوعاً مميزاً ولكن ستة فقط من تلك الأنواع هي التي تشكل معظم إنتاج العالم من الدخن. والدخن من النباتات التي تنتج حبوباً صغيرة تصلح للأكل، وينمو الدخن جيداً في التربة الرملية الجافة وتعد حبوبه مصدراً غذائياً مهماً في آسيا وإفريقيا حيث يستخدم لصناعة الخبز والفطائر والكعك الرفيع المقلي أو العصيدة . يستخدم حبوب وأوراق وسيقان الدخن غذاءً للماشية في بعض البلدان. لقد كان الدخن هو المحصول الرئيسي في أوروبا وأجزاء من آسيا في العصور القديمة والوسطى ولكنه لا يصلح لعمل الخبز المتخمر ولذلك فقد مكانته وحل محله القمح وغيره من الحبوب. تتصدر الصين والهند وروسيا قائمة الدول المنتجة للدخن في الوقت الحالي.

تشتمل أنواع الدخن على دخن اللؤلؤ ودخن ذيل الثعلب والدخن مبكر النضج.ويعد دخن اللؤلؤ (والذى يعرف أيضاً باسم دخن الشمعة أو دخن ذيل الهرة)  الغذاء الرئيسي لكثير من شعوب الهند وأفريقيا. ويزرعه الفلاحون في بلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية أساساً كعلف للماشية. أما دخن ذيل الثعلب الذي يعرف باسم الدخن الإيطالي أو دخن القش فتتم زراعته باعتباره محصولاً غذائياً في الصين وكازاخستان وروسيا وأوكرانيا. ويزرع بعض الفلاحين دخن ذيل الثعلب أساساً للحصول على التبن إلى جانب استخدام الحبوب للأكل وإطعام الطيور. أما الدخن مبكر النضج ، فيشكل عنصراً رئيسياً من غذاء الكثير من الأسيويين، وتؤكل الحبوب بقشورها بعد الطهى وكثيرا ما تستخدم الزهور النابتة من حبوب الدخن كبديل لطحين الأرز ، وهذا النوع يحتوي على قيمة غذائية عالية تضاهي قيمة الذره الشامية.أما دخن بروسو فيزرع بصورة رئيسية في روسيا ومنغوليا والصين ويعد الغذاء الرئيسي في كل أنحاء روسيا حيث يؤكل كعصيدة سميكة تعرف باسم كاشا .Kashaأما دخن الأصبع (راجي(Ragiفهو غذاء مهم في جنوب آسيا وإفريقيا لمقدرته على تحمل درجات الحرارة العالية. وفي الهند يحل دخن الأصبع محل الأرز كمحصول غذائي رئيسي . وفي مصر يزرع 3 أصناف من الدخن هي:

  • الدخن البلدي (اللؤلؤي) الذي يعتبر من أشهر الأصناف و أكثرها إنتشاراً ، حيث يمتاز بقوة نموه وكثرة تفريعه ، حيث يصل طوله الي2.5 متر, حبوبه نصفها باللون الأصفروالنصف الآخر باللون الأزرق الرمادي.
  • و الدخن السوداني  يقل عن البلدي ويصل طوله الى 1.5 متر واحياناٌ يصل الي 2متر, حبوبه لونها أصفر.
  • و صنف شندويل1, وهو صنف حديث تم إستنباطه فى قسم بحوث محاصيل العلف بمركز البحوث الزراعية.

وتعتمد معيشة حوالي 400 مليون إنسان في العالم على الدخن حيث يحتوي الدخن على أحماض دهنية مثل حمض لينولينيك وحمض لينوليك وأوليك وستياريك وبالمتيك وميريستيك وكذلك أحماض أمينية مثل أيزوليوسين , وليوسين ، ولايسين وميثونين ، وفينايل الأنين ، وثريونين ، وتربتوفان ، وفالين وهذه الأحماض هي من الأحماض الأمينية الأساسية . كما تحتوي على سيستين، وتيروزين، وألانين، وأرجنين وحمض الأسبارتيك وحمض الجلوتاميك، والجلايسين، والهستدين، والبرولين، والسيرين وهذه أحماض أمينية غير أساسية. كما يحتوي الدخن على بروتين بكميات عالية وكذلك ألياف. كما يحتوي الدخن على فيتامينات مثل فيتامين ب والنياسين والريبوفلافين والثيامين وكذلك كربوهيدرات. كما يحتوي على معادن مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم والزنك والنحاس والفوسفور والبورون والحديد والمغنسيوم .

وحيث أن الدخن غني بالأحماض الدهنية والأحماض الأمينية الأساسية وغير الأساسية والمعادن والفيتامينات والألياف والبروتين فإنه يعتبر غذاء جيداً يحتوي على العناصر التي يحتاجها جسم الإنسان. كما أنه يتميز بخلوه من الجلوتين الذي يسبب حساسية لكثير من الناس وبالأخص الأطفال.أما من الناحية العلاجية يستخدم الدخن ضد الإسهال ، كما يعطى كعلاج للأشخاص الذين يعانون من إحتباس البول كما أنه يمنع القيء .

و لجلب التنوع في الزراعة والوجبات الغذائية من خلال زيادة وعي المستهلكين بالدخن ، وبالتالي خلق طلب في السوق للمزارعين لزراعته.و نوصي المزارعين في جميع أنحاء مصر بزراعة أصناف الدخن على أساس تجريبي لتحديد أفضل الممارسات في المناخات المتنوعة لجمهورية مصر العربية.

كما ننصح ببذل جهد و بعمل برامج تثقيفية  لتثقيف المستهلكين حول مجموعة متنوعة من الأطعمة و الحلويات و السلطات و المقبلات القائمة على الدخن و التي يمكن أن تستخدم لإثراء تجربتهم الغذائية والتغذوية. و نذكر بأن أفضل طريقة لإقناع الناس بتناول الدخن هي عمل منتجات من الدخن وتذوقها.

إستخدام الدخن في منتجات اللحوم:

كما سبق و ذكرنا أن للدخن العديد من الفوائد الصحية و القيمة الغذائية التي تنبىء بدور واعد لهذا المحصول في الصناعات الغذائية و خاصة في صناعة اللحوم بادماج الدخن كبديل محلى و اقتصادي لمشتقات الصويا.و في هذا السياق، تم تطوير خلطات برجر مصنعة من اللحم البقري و صنفين من نبات الدخن هما الدخن اللؤلؤيpearl millet،  و دخن بروسو proso millet، و ذلك بإستخدام نسب إضافة مختلفة من كل منهما مع مبثوق الصويا. و بدراسة خواص التقبل الحسي لأقراص البرجر المصنعة، وجد أن البرجرالمصنع من دقيق كلا من نوعي الدخن مقبول بشكل جيد بالنسبة لخواص الطعم و المظهر و القوام و النكهة. و بتقييم خواص الطهي لأقراص البرجر المصنعة، أشارت النتائج إلى تمتع الدخن اللؤلؤي بقابلية عالية على ربط الماء مقارنة بدخن بروسو أوالصويا، وهذا أدي لتقليل فقد الماء  وزيادة التصافي بعدالطهي. من ناحية أخرى،لوحظ انخفاض في القدرة على الاحتفاظ بالدهون في اقراص البرجر بعد الطهي بزيادة نسبة دقيق الدخن في خلطة البرجر حتى    20 %.

من المعروف انه عند طهي لحوم البقر والدواجن والأسماك، يحدث انكماش بنسبة 25 %، حيث تعتمد نسبة الانكماش على المحتوى من كل من الدهن والرطوبة ودرجة حرارة طهي اللحم.و قد وجد ان اقراص البرجر المحتوية على 20% من دقيق الدخن الرمادي او دخن بروسو سجلت انكماش اقل من البرجر المحتوي على 20% صويا.  ممايؤكد على دورالدخن في تحسين خصائص الطهي لبرجراللحم البقري. إضافة الى ذلك، وجد ان اضافة دقيق اي من نوعي الدخن الى برجر اللحم ادى الى تمتع اقراص البرجر المطهي بقوام اقل صلابة او اكثر طراوة مقارنة بأقراص البرجر المحتوية على الصويا.

و بتتبع ثبات خواص الجودة الكيميائية و الميكروبية لأقراص البرجر المصنعة اثناء التخزين بالتجميد لمدة 4 اشهر، وجد انه بعد 4 أشهرمن التخزين المجمد،كان إجمالي محتوى النيتروجين الكلي المتطايرلجميع خلطات البرجر المصنعة من دقيق الدخن او الصويا في نطاق المستوى المسموح به. كان محتوى حامض الثيوبربيتوريك والمعاييرالميكروبية لجميع المعاملات ضمن المستويات المسموح بها حتى نهاية الشهرالثالث من فترة التخزين.

تبشرنتائج الدراسة التي تم الحصول عليها بمستقبل واعد لإدماج الدخن في اللحوم المصنعة و بإمكانية زيادة المنتجات المعتمدة على الدخن ومتحمسون لمستقبل الدخن في مصر وحول العالم  كحبوب خالية من الجلوتين ومغذية ومقاومة للجفاف ، فإن نموها واستهلاكها المتزايد يمثل أحد الحلول المحتملة الهامة للتحديات الزراعية التي نواجهها.

 

 

اجري توداي على اخبار جوجل

 

زر الذهاب إلى الأعلى